الحكومة تمس شموخ القضاء.. وقانونيون: تجامل السعودية على حساب دولة القانون
لازال أثر قرار مجلس الوزراء، بالموافقة على اتفاقية تعيين الحدود البحرية مع السعودية، والمعروفة إعلاميا باتفاقية "تيران وصنافير"، وإحالتها للبرلمان، باقيًا على الساحة السياسية، خاصة وأن الحديث يدور الآن حول خطر نشوب "أزمة" بين السلطتين التنفيذية والقضائية.
"قرار عصف بدولة القانون"
من جهتها، شنَّت المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية الأسبق، هجومًا حادًا على القرار، مؤكدة أنها تفاجأت من إصداره، كونه مخالفًا للدستور، بحسب وصفها.
وأضافت الجبالي، في تصريحات لـ"التحرير"، أن القرار يحمل في طياته مخالفة دستورية صارخة، ويؤكد تغول السلطة التنفيذية ممثلة في "مجلس الوزراء"، على السلطة القضائية "مجلس الدولة"، موضحة أن القرار استبق أحكام القضاء، فضلا عن تجاهل تنفيذ أحكام صدرت بالفعل من محكمة القضاء الإداري، قضت ببطلان الاتفاقية، وهي ملزمة حتى ولو كانت من الدرجة الأولى، ولا تبطل إلا بعد قبول الطعن، وصدور الحكم النهائي.
وأشارت إلى أن القرارعصف بدولة القانون، القائمة على احترام "قاضي المشروعية"، وهو قاضي مجلس الدولة الذي جعل له الدستور اختصاص الحكم ومراقبة في مدى دستورية القوانين والاتفاقيات التي تخرج من الحكومة، لافتة إلى أنه لا يمكن تبرير موقف الحكومة بالترويج بأن مجلس الوزراء تلقى طلبات من النواب بإرسال الاتفاقية، وأن كان، فلا يمكن القبول به لأنه غير دستوري، وكان يتعين على الحكومة والمجلس أن ترجع إلى المحكمة الدستورية العليا لإنارة الطريق لهما في التعامل القانوني للاتفاقية.
وأكدت أن أي طعن سواء من هيئة الدفاع عن مصرية تيران وصنافير أو من مجلس الدولة، على قرار الحكومة، سيُقابل بالقبول لأن المخالفة صريحة وواضحة، فلا يمكن للحكومة أن تحيل الاتفاقية وهي محل نظر القضاء، وكان يتعين على مجلس الوزراء أن يعي جيدًا أن كل طعن من قبل مجلس الدولة على قرارات السلطة التنفيذية يهز الثقة بين الشعب والحكومة، متساءلة "من أين أتى هذا التفكير المعيب؟"، حسب وصفها.
وأعربت عن قلقها الشديد من كون الحكومة راغبة في إصدار ذلك القرار لمجاملة السعودية، وسحب البساط من القضاء، منوهة أنه إذا صح ذلك، فهذا يُعد كارثة بكل المقاييس ويطيح بدولة القانون.
"مخالفة دستورية".. وهذا مخرج للأزمة
واتفق مع طرح "الجبالي"، الدكتور شوقي السيد، الفقيه الدستوري، الذي قال إن القرار يشكل مخالفة دستورية واضحة بكل الأشكال والمقاييس، مضيفًا أن القرار يحدث تنازع وتداخل في الاختصاصات بين السلطات الثلاث.
واقترح "السيد"، في تصريحات خاصة لـ"التحرير"، الخروج من ذلك "المأزق"، عبر عرض مجلس النواب القرار على لجنتي "التشريعية والدفاع والأمن القومي" به؛ لوجود الطريق الشرعي للتعامل مع القرار بعيدًا عن مخالفة الدستور أو إحداث تنازع في الاختصاص بين السلطات الثلاث.
ولفت إلى أن المسلك القانوني والدستوري للقرار يدور حول تراجع مجلس الوزراء عنه، أو تأجيل البرلمان مناقشته للاتفاقية إلى حين صدور أحكام نهائية حولها.
"الطعن مجددًا"
أما المحامي طارق نجيدة، عضو هيئة الدفاع عن "تيران وصنافير"، فقال إن الهيئة ستبدأ من الغد السبت، إجراءاتها القانونية، حيال قرار مجلس الوزراء، حيث ستطعن على القرار أمام محكمة القضاء الإداري.
وتابع نجيدة، في تصريحات لـ"التحرير"، "هناك أياد تريد خلق أزمة دستورية بين السلطات، والحقيقة أن إجراء الحكومة، الذي يهدر الأحكام القضائية ويغتصب اختصاص الرئيس، يؤدي إلى إهدار الشرعية لهذه الحكومة".
المصدر أخبار | التحرير الإخبـاري
ليست هناك تعليقات