رغم اتهام قطر وتركيا بدعم الإرهاب.. لماذا لا تقاضيهما مصر؟
كلما تعرضت البلاد إلى حادث إرهابي، أو تفكيك خلية تخطط لاستهداف المصالح العامة والخاصة، نجد أن "قطر وتركيا"، مدرجتان إما في سياق تحليلات الخبراء الاستراتيجيين، أو حتى على أوراق التحقيقات، مقابل غياب التحرك الرسمي حيال الدولتين، ما يُثير تساؤلات عن سبب عدم ملاحقتهما قانونيًا على الصعيد الدولي.
"حسم" وتمويلها
تحقيقات نيابة أمن الدولة، فيما يُعرف بقضية حركة سواعد مصر "حسم"، والتي نفذت نحو 14 عملية إرهابية، أكدت دعم عناصر استخباراتية أجنبية من الدولتين لعناصر الحركة، كاشفة عن تحركات للمتهمين بهما.
التخابر
ولـ"الدوحة" قضية منسوبة لها، والمعروفة إعلاميًا بـ"التخابر مع قطر"، والتي قضت فيها محكمة جنايات القاهرة بإعدام 6 متهمين، والسجن المؤبد لثلاثة آخرين بينهم الرئيس المعزول محمد مرسي، حيث وجهت لهم تهم التحصل على سر من أسرار الدولة، واختلاس الوثائق والمستندات الصادرة من الجهات السيادية للبلاد والمتعلقة بأمن الدولة وإخفائها وإفشائها لدولة أجنبية، والتخابر معها بقصد الإضرار بمركز البلاد الحربي والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي.
ونسبت النيابة إلى المتهمين طلب أموال ممن يعملون لمصلحة دولة أجنبية، بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة البلاد، والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب الجرائم السابقة، وتولي قيادة والانضمام لجماعة إرهابية تأسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على حريات المواطنين، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، بهدف تغيير نظام الحكم بالقوة والإخلال بالنظام العام، وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر.
الدعم "على المكشوف"
وزارة الخارجية القطرية أعلنتها صريحة بدعم جماعة الإخوان "الإرهابية"، ذاكرة أنها تدعم "حزبًا سياسيًا"، واعتبرت أن ذلك لا يعد تدخلًا فى الشأن المصرى، كما تأوي قطر قيادات الجماعة المطلوبين في مصر، ومنهم يوسف القرضاوي، وتفتح قناتها "الجزيرة" الباب أمام أبواق الجماعة، التي تقدم مضامين تحريضية كان آخرها فيلمًا مسيئًا للجيش المصري.
مصر ترد على الصفعات
ويؤكد الدكتور يحيى قدري، أستاذ القانون الجنائى، أن تحقيقات النيابة لا تعني الإدانة مهما كثر الحديث عنها، وحتى الأحكام الجنائية الصادرة الداخلية ليس لها حجية دولية، ومن ثم لجوء مصر للمحاسبة الدولية ليس سهلًا، لكن هذا لا يعني أن الدول تقف مكتوفة الأيدي أمام ذلك الدعم غير المباشر للإرهاب، قائلًا: "هناك أساليب كثيرة لمواجهة تلك الأعمال، لكن لا يتم إعلانها، بالضبط مثلما يتم تدريب الإرهابيين في الخفاء، وتحويل الأموال لهم بطرق خفية، ونقل السلاح إليهم بحيل سرية"، وتابع: "قوة وصلابة الدولة وعدم سقوطها أمام كل ذلك يعني أنها ترد وبحسم على ما يواجهها، لكن دون إعلان صريح أيضًا، فمصر لا تتلقى الصفعات وتصمت".
وأوضح "قدري"، لـ"التحرير"، أن تصعيد العداء على المستوى الدولي، يعنى العجز بسبل القدرة "الخفية" والسياسة على إيقاف تلك الأعمال الجبانة؛ ما يعني الدخول في مرحلة العداء السياسي المعلن، وهو أمر شديد الخطورة، ويصل لحد إعلان الحروب، ما يتطلب التعقل الشديد.
"رعاية" الإرهاب
وبشأن عدم اعتراف دول بأن "الإخوان" جماعة إرهابية، أوضح أنه لا يمكن لدولة أن تلزم أخرى باعتبار جماعة أو منظمة كيان إرهابي، خاصة أن كثير من الدول بخلاف قطر وتركيا لا يصنفون "الإخوان" كإرهابيين، لكن كسب التأييد الدولي في ذلك السياق، وتغيير قناعات الدول واحدة بعد الأخرى، يحصر تواجد رجال الإرهاب في الدول المرحبة لهم، وهو الأمر الأكثر أهمية، ويفيد في ضبطهم لو خرجوا من تلك الدول المرحب بهم فيها.
وأضاف: "الموقف القانوني والدولي لا يلغي النظر للدولة حامية الإرهابيين المطلوبين لدول أخرى، على أنها راعية للإرهاب، خاصة في ظل صدور أحكام نهائية بالإدانة ضد هؤلاء الأشخاص، فلو صدرت ضدهم أحكام إدانة، فإن تسليمهم للدولة المتضررة يعد ملزمًا، لو كانت هناك اتفاقيات لتبادل المجرمين وتبادل تنفيذ الأحكام، وإلا فالإنتربول يتولى مطاردتهم حال خروجهم من الدولة غير الموقعة على اتفاقية تسليم المجرمين".
القضايا الداخلية ليست أدلة دولية
من ناحية أخرى أشار وليد الشواربي، المحامى بالنقض، إلى أن الأدلة المتاحة أمام النيابة المصرية عن تحويل تمويلات للإرهابيين من قطر وتركيا أو غيرهما، يعد اتهامًا ضد الأفراد المتورطين في تلك الواقعة، وليس دليلًا ضد أيًا من الدولتين، ومن ثم لا يعتد بتلك القضايا أمام القانون الدولي، بل ولا يسمح بالتصنيف الرسمي لتلك الدول باعتبارها راعية للإرهاب.
وتابع، في حديثه لـ"التحرير": "في القانون الدولي لا يجب أن تصنع دولة دليلها، بمعنى أن تحاكم دولة رعاياها وتعد قضية تتهم فيها دولة أخرى وتحكم فيها، ثم تطالب باعتبار القضية التي صنعتها دليلًا دوليًا لإدانة آخرين، بينما الأمر في السياق الدولي هو مسألة سياسية واختصاص دول، ولذلك مثل تلك القضايا لا يملك المواطنون إقامتها، وإنما في مصر على سبيل المثال يقع ذلك الاختصاص في دائرة هيئة قضايا الدولة، باعتبارها الممثل القانوني للدولة والرئاسة ووزارة الخارجية".
وأوضح أن الأدلة المطلوب للجوء للمحكمة الدولية يجب أن تكون مستندات رسمية صادرة من الدولة المشكو في حقها، وتكون بإقرار ممثلين للدولة وليس أفراد، وهو أمر صعب جدًا، ويحتاج إلى جهد من أجهزة المخابرات، ويعتبر حينها دليل عداء مباشر، قد يتطور لأكثر من المحاكمة الدولية، ليصل إلى حد قطع العلاقات الدبلوماسية وسحب السفراء وإعلان الحروب، أو استخدام تلك المستندات بطرق أخرى أكثر جدوى من الحروب والمحاكمات الدولية، بعيدًا عن خيار الحرب، وهو أمر له عواقب وخيمة ويعد منزلق ينبغى تجنبه والتعامل معه بحرص قوي.
المصدر أخبار | التحرير الإخبـاري

ليست هناك تعليقات