قبل الحكم النهائي.. «تيران وصنافير» بين الأدلة المصرية والحجج السعودية
مقارنة بين أدلة مصرية الجزيرتين ووثائق الحكومة
تقرير «مفوضي الدولة» يحسم الأمر لصالح المصريين
الدولة تشدد على عدم الاختصاص
من المقرر أن تصدر المحكمة الدستورية العليا، حكمها في طعن الحكومة على حكم القضاء الإداري القاضي بمصرية "تيران وصنافير"، الإثنين المقبل، لينتهي السجال والجدل القانوني حول الجزيرتين، فإما أن تقضي الإدارية العليا بطعن الحكومة وتؤيد حكم أول درجة، وإما أن تقبل بطعن الحكومة، وتلغي حكم أول درجة لعدم الاختصاص.
وقبل حكم الإدارية العليا، نرصد الأدلة التي قدمها فريق الدفاع عن مصرية الجزيرتين، وما تم تقديمه من قِبل الحكومة لإثبات سعودية "تيران وصنافير".
أدلة مصرية الجزيرتين
انقسمت المستندات التي تم تقدم بها خالد علي للمحكمة إلى خرائط، يعود بعضها إلى عام 1913، حصل عليها من هيئة المساحة المصرية، بعدما مكنته المحكمة من تصويرها بكتاب مباشر منها، بالإضافة إلى تقرير و3 خطابات بريطانية، تعود إلى عام 1906، حصل عليها من الأرشيف الوطني البريطاني.
وتقدم فريق الدفاع بصورة طبق الأصل من خريطة مصر التي صدرت طبعتها الأولى سنة 1912 وطبعتها الثانية 1913. وموضح في الخريطة أسماء الجزر المصرية ومن ضمنها تيران وصنافير، بينما تظهر الجزر السعودية دون أسماء.
أما الوثيقة الثانية فهي اللوحة السادسة لخريطة القطر المصري، وتُظهر خطوط الكنتور (خطوط توضح الارتفاعات المختلفة للتضاريس الجغرافية) في منطقة جنوب سيناء، ويظهر في الخريطة خطوط الكنتور الخاصة بالجزر المصرية ومن ضمنها جزيرتي تيران وصنافير، بينما تظهر الجزر السعودية دون خطوط كنتور، وصدرت الطبعة الأولى من الخريطة بلوحاتها الـ12 سنة 1937، بينما صدرت طبعتها الثانية سنة 1943، وهي التي تقدم خالد علي بنسخة طبق الأصل منها.
أما الوثيقة الثالثة فهي خريطة طبوغرافية لمصر صادرة سنة 1950، وتضم جزيرتي تيران وصنافير ضمن الجزر المصرية، ولا تظهر أسماء أي من الجزر السعودية.
وأشار فريق الدفاع إلى أن قيام هيئة المساحة بمسح الجزيرتين، يعني أن الحكومة المصرية كانت تمارس عليهما السيادة، بالإضافة إلى صور وترجمات لتقرير و3 خطابات بريطانية صادرة في الفترة ما بين فبراير وأبريل سنة 1936 وتخص رحلات استطلاع جوية فوق جزر تيران وصنافير وشدوان.
الخطاب الأول أرسله السير مايلز لامبسون، المندوب السامي البريطاني في مصر والسودان، إلى قيادة القوات الجوية الإنجليزية في 1 فبراير 1936.
وجاء في نصه أن لامبسون لا يجد مانع سياسي من القيام بدوريات استطلاع جوية دورية فوق جزر تيران وصنافير وشدوان، وفقًا لما جاء في خطاب وزير الطيران المؤرخ في 10 يناير من العام نفسه.
وفي الخطاب الثاني، المُرسل في 13 فبراير، جاء رد رئيس أركان القوات الجوية الملكية في الشرق الأوسط ليُطلع المندوب السامي البريطاني على نتائج دورية الاستطلاع، وجاء في الخطاب أن الاستطلاعات لم تجد أي نشاط على الجزر، وأرسل الشخص نفسه خطابًا آخر في 25 أبريل للمندوب السامي أيضًا، ليخبره أن الاستطلاعات الجوية ستستمر بشكل دوري.
واستخدم الدفاع هذه الخطابات ليدلل على أن جزيرتي تيران وصنافير ضمن الأراضي المصرية، التي كانت واقعة تحت الاستعمار البريطاني وقتها، وإلا ما كانت قيادة القوات الجوية الملكية قد استأذنت المندوب السامي وقتها قبل القيام بدورياتها الاستطلاعية، حسبما قال.
بالإضافة إلى تقرير صادر من قيادة القوات البريطانية في سفاجا والتي أرسلت بعثة استكشافية إلى جزيرتي تيران وصنافير في مارس 1936، والتقرير مُرسل إلى قائد عام منطقة جزر الهند الشرقية، ويضم مشاهدات أحد الضباط عن الجزيرتين، وفي القسم الخاص بجزيرة صنافير، ذكر التقرير أنه يوجد عدد قليل من مقابر الصيادين المحليين، بالإضافة إلى 5 حلقات صيد لصيادين من السويس، كما وجدت بعثة الاستطلاع نصب تذكاري تم إنشاؤه إبان رحلة اليخت "سان جورج" سنة 1933 للجزيرة، وكان اليخت مملوكًا للكولونيل بيل من القاهرة.
بالإضافة إلى اتفاقية الحدود الشرقية المصرية، المبرمة بين الدولة العالية العثمانية والدولة الخديوية المصرية، عام 1906، والتي أشار البعض لها باعتبارها اتفاقية لترسيم الحدود البرية فقط ولم تتطرق للحدود البحرية ولكنهم لم يتوقفوا أمام أن هذه الحدود البرية امتد ساحل خليج العقبة بما يعني تبعية جميع الجزر الواقعة في المنطقة للسيادة المصرية خاصة في ظل السيطرة المصرية أيضًا على منطقة شمال الحجاز أو ما يعرف بالحجاز المصري وقتها.
ووثيقة بريطانية عن جزيرة تيران، بتاريخ ،1911، تقول إن الدولة العثمانية أرسلت 50 عسكريًا للاستيلاء على جزيرة تيران، وإن بريطانيا تعزز قواتها حول المنطقة، ويعكس التخوف البريطاني من استيلاء العثمانيين على الجزر وتعزيز قواتها لحمايتهم تأكيدًا وإشارة واضحة على مصرية الجزيرتين، إذ كانت مصر وقتها واقعة تحت الاحتلال البريطاني.
واستند الدفاع إلى كتاب «تاريخ سيناء القديم والحديث»، الذي يعد أحد المراجع المهمة عن سيناء وجغرافيتها، للمؤرخ نعوم شقير، الصادر عام 1916، ليؤكد على ملكية مصر للجزيرتين، ويشرح الكتاب بشكل مفصل جغرافية خليج العقبة وما به من جزر، وتحدث فيه عن جزيرتي تيران وصنافير كجزر تابعة لشبه جزيرة سيناء.
بالإضافة إلى وثيقة تعود لعام 1928، تستطلع وزارة الحربية من وزارة الخارجية فيها عن وضع جزيرتي تيران وصنافير، لإرسال قوة لوضع العلم المصري على الجزيرتين، وشرح الدفاع أن سبب مخاطبة الحربية يعود إلى وجود صراع داخل أراضي الحجاز، حيث بدأ تمرد حركة "ابن رفادة"، ضد محاولات ضم شمال الحجاز لمملكة آل سعود، وفي هذا العام قام حامد بن سالم بن رفادة، من قبيلة بلي، بتمرد في شمالي الحجاز، عام 1928، ولكنه فشل، فهرب إلى مصر، مشيرًا إلى أنه نتيجة لوجود تمرد على الجانب الآخر من خليج العقبة، بدأت وزارة الحربية في التحرك لحماية الحدود، وبناءً عليه تم إرسال هذه المخاطبة لوزارة الخارجية، لكن نظرًا لأن الجزيرتين لم تكونا مأهولتين، فلم يكن لدى وزارة الخارجية ملفات حولهما، وبدأت في الاستعلام عنهما من الوزارات الأخرى.
وثيقة أخرى تقدم بها الدفاع، حملت في طياتها عبارة "سري جدًا"، صادرة في 25 فبراير 1950، العام الذي أدعت فيه السعودية صدور خطاب بملكيتها للجزيرة فيه، وهي عبارة عن رد من وزارة الخارجية على وزارة الحربية في هذا الوقت، وجاء الرد ليؤكد تبعية جزيرة تيران لمصر، وتكشف الخارجية في الوثيقة أنها استعلمت من وزارة المالية والتي جاء ردها ليؤكد وقوع تيران ضمن الحدود المصرية، وسبب استعلام وزارة الخارجية من المالية يعود لكونها الوزارة المنوط بها مربوط القرى، وكانت هي أيضًا المنوط بها الخرائط المساحية الخارجية، والتي يتم جمع الضرائب على أساسها، كما أن الخريطة رقم 6 لجنوب سيناء، الصادرة سنة 1937 أكدت تبعية تيران لمصر.
وعن قصة صدور الوثيقة وضح الدفاع إن القصة بدأت بعد استيلاء إسرائيل على جزيرة أم الرشراش، عام 1949، وبهذا أصبح لها منفذ على البحر، وخشيت الحكومة المصرية في هذا الوقت من محاولة إسرائيل السيطرة على جزر البحر الأحمر، خاصة بعد نشر الأهرام في 2 يناير 1950 خبرًا عن أن عضو بالكنيست قال إن "هناك جزر ليس عليها علم في المنطقة"، داعيًا إسرائيل للاستيلاء عليها، وهو ما دفع الحكومة المصرية للتحرك لبسط نفوذها على الجزر، وجاء خطاب الخارجية ليؤكد تبعية الجزيرة لمصر، طبقًا للخرائط الصادرة منذ عام 1937.
وقرار وزير الداخلية الراحل حسن أبو باشا، بإنشاء نقطة شرطة مستديمة في جزيرة تيران، تتبع قسم سانت كاترين في محافظة جنوب سيناء، والمنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 21 مارس لسنة 1982، والذي حمل رقم 422 لسنة 1982، وقرار رئيس الوزراء رقم 1068 لسنة 1983، الخاص بإنشاء محمية طبيعية في منطقة رأس محمد، وجزيرتي تيران وصنافير، وقرار رئيس مجلس الوزراء، الدكتور كمال الجنزوري، رقم 2035 لسنة 1996، بتعديل بعض أحكام القرار رقم 1068 لسنة 1983 بشأن المحميات موضح به الحدود.
واختتم الدفاع مرافعته بأن الحكومة قدمت 10 روايات مختلفة حول ملكية الجزر للسعودية وهى أن مصر احتلت الجزر وأن مصر استأجرتها وأن السعودية تنازلت لجمال عبد الناصر عنها، وأن الجزر معارة لمصر وأن مصر تملك حقوق إدارة فقط وليست ملكية ولم تقدم دليلًا على تلك الروايات كلها.
أدلة سعودية الجزيرتين
على مدار جميع الجلسات سعت هيئة قضايا الدولة، أكثر من مرة إلى إثبات أن الجزيرتين قد بدأ احتلالهما سنة 1950 من قبل القوات المسلحة المصرية بغرض تأمينهما، وأن ذلك تم بالاتفاق مع المملكة العربية السعودية دون تنازل عن حق ملكية الأخيرة لهما، وأنهما فقط تحت الإدارة المصرية بصفة الأمانة، واستندت الحكومة إلى:
في 1950 احتلت مصر جزيرتي تيران وصنافير لحمايتهما من العدو الصهيونى بطلب ومباركة المملكة العربية السعودية، وفي 1967 أبلغت مصر مجلس الأمن سيطرتها على الجزيرتين.
في 1988 أرسلت المملكة خطابًا لمصر تفيد فيه انتظارها أن تلتزم مصر بتعهداتها السابقة بعودة الجزيرة للمملكة عقب انتهاء الأوضاع المصطربة، وفي 1989 أرسلت المملكة لمصر خطابًا ثانيًا تؤكد فيه مطلبها، وأنها لا تسعى خلق توتر في المنطقة بهذا الطلب، وتنتظر من مصر أن تتعامل معه بجدية بعد انتهاء التوتر، وفي 1990 أرسلت الخارجية تقدير موقف للدكتور عاطف صدقي، رئيس مجلس الوزراء، يفيد بأحقية الجزيرتين للمملكة.
بالإضافة إلى أن مندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة أكد في 27 مايو 1967 أن مصر لا سيادة لها على الجزيرتين، والرسائل المتبادلة بين الدكتور عصمت عبد المجيد وسعود الفيصل تؤكد اعتراف مصر بسعودية الجزيرتين، والقرار الجمهوري رقم 27 لسنة 1990 أكد أن نقاط الأساس تنفي ملكية مصر للجزيرتين.
وبالإضافة إلى الوثائق والمخاطبات التي تقدمت بها هيئة قضايا الدولة، استندت هيئة قضايا الدولة وشددت في مرافعتها بعدم اختصاص القضاء الإداري، بنظر الاتفاقية لدخوله ضمن أعمال السيادة.
المصدر أخبار | التحرير الإخبـاري
ليست هناك تعليقات