هدير مكاوي «الحائرة».. رأي الشرع والقانون في الـ«single mother»
تمردت على تقاليد المجتمع، وتغافلت دور القانون في تنظيم الأمور الحياتية للبشر، وبعدت عن الشريعة التي تحافظ على الحقوق، فسقطت في المحظور، وأنجبت طفلا بلا هوية، بلا أب يدافع عنه ويحميه، بعدما تنصّل منها ومنه، فلجأت إلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، لتثبت نسب ابنها، وعرضت مصيبتها بكل فخر، واصفة نفسها بالثائرة الحرة التي ثارت على العادات "العفنة" للمجتمع، ووصفته بالمتخلف والرجعي.
رئيسة المركز القومي للمرأة: واقعة مالهاش علاقة بحقوق المرأة.. ومش من قرأ ربع كتاب بقى مناضل
وخطيب بـ"الأوقاف": لو صح زواجها فهو باطل لأنه بدون ولي
انقسمت آراء الناس حول "single mother" ما بين مؤيدين لفعلتها، معللين بأنها تدعو للحرية، وأنها لم تذنب في شيء، وإلى معارضين يصفونها بـ"الخاطية"، واتهامها بدس مفاهيم خاطئة ومنحرفة في مجتمعنا وتسميم عقول بناتنا.
"هدير مكاوي"، الاسم الذي قلب صفحات التواصل الاجتماعي طيلة اليومين الماضيين، بعد أن حملت من شخص تنصل منها بعد ولادتها، وادّعت أنها تزوجته دون أوراق رسمية، نظرًا لمشكلات بسبب الأهل، ورفض المأذون تزويجها دون ولي، وقالت إنها رفضت التخلص من الطفل لتواجه به المجتمع، وكسر جموده، فقديمًا كانت "فضيحة" لكل من تحمل دون زواج رسمي وشرعي، أمّا اليوم فتسمّى single mother.. "التحرير" تواصلت مع قانونيين وناشطين في مجال المرأة وأئمة في وزارة الأوقاف؛ لمناقشة قضية الحمل دون زواج شرعي.
قالت الدكتور نهاد أبو القمصان، رئيس المركز المصري لحقوق المرأة، إن قضية هدير قضية إثبات نسب عادية جدًا مثل قضية الفنانة "زينة"، ومثل آلاف القضايا في المحاكم، ولكن الفرق بينها وبين باقي "الستات الغلابة"، اللاتي في المحاكم أنها عرفت كيفية استخدام "الفيسبوك"، لمصلحتها، وتحويلها لقضية نضالية، بالإضافة إلى أن "هدير" قامت بوضع عنوان "سُخن" لقضيتها، وهو "عام المرأة"؛ لتحويلها من قضية "واحدة اضّحك عليها" إلى قضية قومية نسوية فكرية، فواقعة "هدير" واقعة مكررة بكثرة في أوساط الشباب مدعي الثقافة.
أضافت أبو قمصان: "الشاب يقرأ ربع كتاب عن الحرية وربع عن النسوية، والكلام التخين ده، ويدخل على البنت يقولّها كلمتين عن الحرية والاستقلالية وهى تنبهر، وتروح تقرأ ربع كتاب زيه ونعيش فى دور النسوييّن محررين المرأة، وتتحول البنت اللّى متأسستش فكريًا كويس، لقشرة من برّا شكلها صلب ومستقل بس من جوّاها بنت عادية بتحلم بشخص تتجوزه وتعتمد عليه، والولد بيكون ملوش علاقة بموضوع النسوية والحرية والثورة والديمقراطية إلاّ طُعم صنارة ياخدها بيه لحد السرير".
استكملت أبو القمصان: "لو هي مثقفة حقيقي وتعرف يعني إيه حقوق مرأة، كانت عرفت إن قرار الإنجاب قرار مشترك بين المرأة والرجل، فكان لازم تناضل علشان تقنعه بالإنجاب، ده لو كان فيه زواج فعلًا، ومينفعش تقول زى خالتي بهانة إنها غلطة، ولو إحنا فاهمين حقوق المرأة والاستقلالية، والكلام الجامد ده، كان لازم نفهم إن فيه حقوق طفل كمان، وماينفعش يتولد في علاقة، "هدير" وصفتها بأن الأسوَد بها أكثر بكثير من لحظات الأبيض، وقصة إن المأذون ما بيوثقش من غير ولي، فذلك له حل قانوني للي يسأل وعايز يعرف، مش تتجوز بأى شكل وخلاص".
تابعت رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة: "أنا مع الحرية والاستقلالية للبنات جدًا بس تكون على صح، وتحويل قضية فردية لقضية عامة، إن لم تكن القضية الشخصية عادلة، فإنها تضر كثيراً القضية العامة، وأعتقد أن قضية هدير هتخلي أهالي كثير يحرموا بناتهم من حقوق كثيرة أبسطها السفر للشغل أو الدراسة، وأقولها تاني، قضية هدير مش قضية نسوية تحررية زى ما بيحاول الكثير يصورها.. هي قضية حد ظروفه وحشة ومعندهاش وعي قانوني اتنصب عليها من نصاب، وتستحق دعمنا كأي قضية نصب عادية".
وأوضح الدكتور محمد إبراهيم، خطيب بوزارة الأوقاف، المحامي بالنقض والدستورية العليا، أنه من الناحية الشرعية والدينية والقانونية، عقد الزواج الذي لم يباشره ولي للبنت "البِكر"، فهو زواج باطل، وإن دخل عليها الزوج، يكون "زنا"، لأن البكر لا تستطيع تزويج نفسها، استنادًا لقول الرسول -صلّ الله عليه وسلم-، "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل"، وحديث آخر، "أيما امرأة نُكحت بغير إذن وليها فزواجها باطل".
أضاف إبراهيم أن قانون الأحوال الشخصية، أخذ بحكم الشرع، فلا يبيح زواج البكر دون ولي، إلّا أن القانون رقم 1 لسنة 2000، أباح للزوجة المتزوجة عرفياً أن تطلب التطليق طالما كان الزواج ثابتا بأي ورقة، وذلك اعتراف ضمني من المشرع بالزواج العرفي، فبدلاً من أن ترفع الزوجة قضية إثبات علاقة زوجية أولًا، قبل إثبات النسب أو الطلاق، يكتفي القاضي بورقة الزواج العرفي لإثبات النسب أو لتطليق المرأة.
ويجيب المحامي بالنقض عن إنه إذا أرادت المرأة "البِكر" تزويج نفسها من شخص كُفء، بغير رغبة أهلها، فعليها كتابة ورقة عرفية مع الرجل التي تريده زوجًا لها، وتقوم برفع دعوى توثيق العقد، مستندة إلى العقد العرفي، ويقوم القاضي بتوثيقه، على أن لا يكون الزوج دخل بها، لأن الزواج يكون باطلًا قبل توثيقه، لكونه تم دون ولي ودون حكم محكمة.
وأردف الدكتور أحمد مهران، أستاذ القانون العام ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، أنه في واقعة "هدير مكاوي"، هي لم تظلم أحد إلّا طفلها الذي أتت به للدنيا دون أوراق ثبوتية تثبت نسبه، وبالرغم من كونها آثمة هي والشخص الذي أنجبت منه، فإنه لزامًا عليها لضمان حقوق طفلها، أن تقيم دعوى إثبات علاقة الزواج والثانية إثبات النسب، والدعويان مرتبطتان بعضهما ببعض؛ حيث إن إثبات واقعة اختلائه بها يثبت وجود علاقة بينهما ويترتب عليه نسب الولد لأبيه.
واختتم مهران: "أتصور أن دعوى الزواج خسرانة، ولكن دعوى إثبات النسب ربما تستطيع أن تكسبها، ولكن بعد وقت طويل، وبعد تحليل dna".
المصدر أخبار | التحرير الإخبـاري
ليست هناك تعليقات