رموز «25 يناير» عن حضور جمال وعلاء مبارك «قمة الربيع العربي»: الثورة لا تحكم
6 سنوات كاملة مرت على ثورة 25 يناير، وبعد أيام قليلة تحل الذكرى السادسة على «جمعة الغضب»، ولا يزال الوضع كما هو بتغييرات أسوأ من الماضي، ووجوه قديمة مُستنسخة من عباءة نظام مبارك، وتسير على خطى، تتراجع من يوم إلى آخر، وتتخذ قرارات أكثر عشوائية تزيد من فاتورة الأعباء على المواطنين حتى وصل الحال بالبعض إلى الكفر بالثورة وترديد عبارات: «ولا يوم من أيام مبارك».
بنفس السياج الأمني المحيط بهما ظهر جمال وعلاء مبارك أمس الأحد في استاد القاهرة الدولي، الذي أعيد افتتاحه بعد أكثر من 150 يومًا غيابًا عن المباريات الدولية خلال المباراة الودية الوحيدة التي جرت بين المنتخبين المصري والتونسي قبل السفر للجابون للمشاركة في تصفيات الأمم الإفريقية المقامة هناك.
الخروج من البوابات الخلفية
بدأ المشهد على غير العادة خارج المقصورة الرئيسية، وتحديدًا داخل مقاعد الدرجة الأولى من الاستاد الدولي بحضور نجلي مبارك وحفيده عمر أول مباراة ودية للمنتخب، ولهما بترك عشرات الشباب للمباراة والبحث عن الملعب الخاص بهم بالقرب من نجلي الرئيس المخلوع وسط محاولات جاهدة لصعودهم للدرجة الأولى، لالتقاط الصور«السيلفي» مع جمال وعلاء أو الاكتفاء بالتقاط الصور الفوتوغرافية لهما من بعيد، في ظل الحراسة الأمنية المشددة التي كانت تحول دون وصول أحد إليهما والابتسامة الفارغة تكسو وجوههما حين الضغط على زر التصوير مع الجماهير.
قبل الدقائق الأخيرة من المباراة وإطلاق الحكم الإماراتي يعقوب الحمادي صفارة النهاية غادر نجلا مبارك الاستاد من البوابة الخلفية دون مشاهدة هدف المباراة الوحيد للمنتخب المصري، هربًا من حالة التدافع الشديد والزحف الشبابي المكدس عليهما لالتقاط "السيلفيهات" والصور الخاصة التي ينشرونها عبر صفحاتهم الشخصية.
أجواء تعسفية ضد شباب الثورة
هنا تحول الشعار العام الذي كان يرفعه الجميع من "الكرة للجماهير" بعد مرور أكثر من 5 سنوات على حرمان المدرجات من أصوات الجماهير والأولتراس إلى الكرة لأبناء مبارك وحدهم وسط حالة من تضييق الخناق والحصار المفروضة على شباب الثورة وإلقاء المئات من جيل 25 يناير في الزنازين وتقييد حرياتهم وفرض الرقابة والحراسة المشددة عليهم عقب انتهاء مدتهم داخل السجون.
في أجواء أخرى موازية يتم فرض المراقبة التكميلية لمدة ثلاث سنوات أخرى على أحمد ماهر، مؤسس حركة شباب 6 أبريل التي دعت لثورة 25 يناير قبل 6 أعوام، ووضع المئات من شباب الثورة خلف القضبان أبرزهم أحمد دومة وسيد مشاغب ومحمد عادل بتهمة خرق قانون التظاهر، ومن ثم يقعون تحت رحمة قانون آخر "الحبس الاحتياطي المفتوح" بقانون وصفه عدد من المراقبين بأنه "سيئ السمعة" وسط تطبيق إجراءات وصفها عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ناصر أمين بـ"التعسفية" والتي لا يتم تطبيقها من قبل وزارة الداخلية إلا على حالات بعينها تمثل تهديدًا وخطورة على الأمن العام مثل جرائم السطو المسلح والجنايات وهي ما لم تتوفر في ماهر وزملائه.
الثورة لم تحكم
«هذا أمر طبيعي لأن من قاموا بالثورة لم يحكموا حتى الآن».. هكذا جاء رد المهندس هيثم الحريري، عضو مجلس النواب عن تكتل (25 - 30)، الذي يرى في عودة نجلي مبارك وغيرهما من الوجوه الباهتة القديمة التي قامت عليها الثورة في مراكز صناعة القرار ومقاعد السلطة في مصر أمرًا اعتياديًا متوقعًا، قائلًا: «مش كل الناس كانوا مع مبارك أو ضده ولكن بكل تأكيد فإن الجميع يعاني اليوم أكثر من العهد المباركي القديم في وضع أسوأ في الحريات والديمقراطية والوضع الأمني وتراجعت مصر كثيرًا عما كانت عليه قبل ثورة 25 يناير».
الانتفاضات الشعبية في دول الربيع العربي محرومة من القيادة السياسية التي تدفع بها إلى اجترار الماضي والارتداد إلى ما قبل أجواء 25 يناير، ولكن طرح نجلي مبارك اليوم كبديل سياسي مناسب هذا من باب الجنون السياسي لأنهما من مخلفات التاريخ، حسب الكاتب الصحفي جمال فهمي، الذي أكد أن دورهما انتهى بخلع نظام مبارك تماما كالإخوان، لكن يبقى خطر حقيقي يداهم الجميع، وهو أن تتحول مصر إلى دولة فاشلة في ظل تواصل أعمال العنف والإرهاب الذي يدفع الدولة للتغول والتوحش على حريات المجتمع والاعتداء على المبادئ الدستورية تحت دعاوي مكافحة الإرهاب.
خنق المناخ السياسي
في المقابل نرى من قاموا بثورتي 25 يناير و30 يونيو منبوذين وممنوعين من الحديث للإعلام، وممنوعين من الكلام، وممنوعين من السفر بصورة أشبه بـ«الخنق» للمناخ العام في مصر، حسب الحريري، الذي أكد ممارسة التعنت والاضطهاد ضده اليوم تحت القبة وخارجها من وسائل إعلام وقنوات خاصة كانت تستضيفه دومًا عبر برامجها، فجأة صارت تتجاهله اليوم بإملاءات أمنية وتوجيهات عليا، وأغلقت الأبواب في وجهه ومورست الوسائل غير الأخلاقية ضده.
شيء طبيعي أن لا يجد الناس أمامهم غير خيارين، إما الوجوه القديمة ممثلين في رموز الحزب الوطني وامتداده الحالي من ائتلاف دعم مصر وإما الإخوان المسلمون.. هكذا علق الحريري عن الوضع العام الذي يتم تضييق الخناق فيه على أي فصيل أو كيان سياسي بديل مرورًا بتشويهه وصولا لاغتياله، وهذا الأمر لا يتكرر إلا في الأنظمة الشمولية اللا ديمقراطية التي تخلو من الحرية والتنوع.
مسرحية عبثية
كان البعض يرى في مشهد تهافت الشباب على جمال وعلاء مبارك للتصوير معهما أمرا أشبه بالمسرحية العبثية التي يتم عرضها بصورة متكررة بكل ما تحويه من تفاصيل باهتة ومكررة في ظل ثورتين لم تحققا أهدافهما حتى الآن، وتعثرت وانتكست قبل التمام عقب حالة من التجريف والتزييف التي تمت على مدار أربعة عقود قبل ثورة 25 يناير، حسب جمال فهمي، عضو مجلس نقابة الصحفيين السابق، الذي أعلن أن كل ذلك أنهك قوة الشعب والمجتمع وأثر سلبيًا على قدرته على إحداث انتقالات كيفية في الوضع السياسي بقدرات محدودة للغاية.
«الشباب يتعرض كل يوم لمحرقة خرافية وتجريف سياسي متعمد لم تتكرر من قبل».. هكذا اختتم فهمي تصريحاته لـ«التحرير» عقب فرض حالة الحصار عليهم ومنعهم من المشاركة في العمل السياسي، وبالتالي فلا بد من أن يُعاد فتح المجال من جديد لكل الأصوات الشبابية التي تمتلك حسًا وطنيًا من العودة للمشهد العام في ظل حالة المخاض والتعثر التي تمر بها البلاد حتى ارتدت الأوضاع إلى ما قبل 25 يناير.
المصدر أخبار | التحرير الإخبـاري
ليست هناك تعليقات