«المالية» تبرهن على نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي بوثائق صندوق النقد
نشرت وزارة المالية وثائق برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري مع صندوق النقد الدولي، والذى تم توقيعه 11 نوفمبر 2016، بالتزامن مع قيام الصندوق بنشر هذه الوثائق على الموقع الإلكتروني للصندوق، بناء على طلب الحكومة المصرية، ورغبة منها في التأكيد على سياسة الشفافية أمام المواطنين وأمام المجتمع الدولي، حول تفاصيل برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري.
وقالت الوزارة، اليوم، إن الصندوق أكد في وثائقه أن الحكومة المصرية قد قامت بتبني برنامج إصلاحى شامل بهدف تصحيح الاختلالات المالية والاختلالات في ميزان المدفوعات، ودفع معدلات النمو الاقتصادي والتشغيل وتوفير الحماية الاجتماعية، وبالتالي استعادة الثقة المحلية والدولية في الاقتصاد المصري وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
وأشاد صندوق النقد بالبرنامج الذى أعدته الحكومة المصرية، مؤكدًا أن مصر تتحرك في مسار جديد يتسق مع دورها المحوري في العالم العربي وطموحات جيل جديد من المصريين أكثر انفتاحًا على العالم ،وفقًا لبيان الوزارة.
ويتسق البرنامج الذى تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي بالكامل مع برنامج الحكومة؛ على المدى المتوسط الذى تم عرضه والموافقة عليه من مجلس النواب في مارس الماضي، كما يتسق مع المستهدفات المالية التي تم إقرارها في الموازنة العامة للدولة، حيث يستهدف البرنامج تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة ومستدامة يستفيد منها المجتمع بمختلف فئاته، ومن خلال زيادة تنافسية الاقتصاد، والاعتماد على الإنتاج خاصة الصناعي وزيادة التصدير، وزيادة معدلات التشغيل من خلال إيجاد فرص عمل حقيقية جديدة، مع توفير الحماية للفئات المستهدفة من خلال برامج اجتماعية تتسم بالاستهداف والكفاءة وزيادة الاستثمارات في البنية الأساسية وفى الخدمات العامة الرئيسية المقدمة للمواطنين.
وتتمثل المستهدفات الرئيسية فى البرنامج مع الصندوق فى تحقيق عجز أولى فى الموازنة العامة للعام المالي 2016/2017 يبلغ 0.8% من الناتج المحلى الإجمالي، وهو نفس المستهدف فى الموازنة العامة للدولة التى أقرها مجلس النواب فى يونيو الماضى، وبحيث يبلغ العجز الكلى فى الموازنة العامة نحو 10% من الناتج المحلى ويصاحبه تراجع محدود فى حجم الدين الحكومى للناتج المحلى إلى نحو 99% من الناتج.
وعلى المدى المتوسط فيستهدف البرنامج تحول العجز الأولى إلى فائض بدءًا من عام 2017/2018 وبحيث يرتفع ليبلغ نحو 2.1% من الناتج بحلول عام 2018/2019. كما يستهدف أن يبلغ العجز الكلى نحو 3.9% فى عام 2020/2021 ارتباطا بالنمو الاقتصادي وخفض تكلفة خدمة الدين على المدى المتوسط وبحيث ينخفض الدين الحكومي إلى نحو 80% من الناتج خلال خمسة أعوام.
ومن المقدر أن يحقق النمو الاقتصادى معدل نمو فى حدود 4% خلال العام المالى 2016/2017 ليرتفع إلى حدود 5-6% على المدى المتوسط، وهو ما من شأنه خفض معدلات البطالة إلى نحو 10% فى عام 2018/2019 ثم إلى نحو %6.7 فى عام 2020/2021. ومن المستهدف أن يحقق الاستثمار المحلى والأجنبى والصادرات معدلات نمو مرتفعة تقود النمو فى الفترة المقبلة بدلًا من الاعتماد على الاستهلاك الممول بالاستدانة كمحرك للنمو. وسيعمل اصلاح منظومة دعم الطاقة فى تصحيح نظم الحوافز نحو الصناعات كثيفة العمالة بدلًا من الاعتماد الأكبر على الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة ورأس المال، مما سيدعم خلق فرص العمل لخفض معدلات البطالة واستيعاب الداخلين الجدد لسوق العمل.
وأشار تقرير الصندوق إلى أن الحكومة المصرية أعدت برنامجاً شاملاً من الإصلاحات لإستعادة الإستقرار الإقتصادى وفتح الطريق لمعدلات نمو إقتصادى مرتفعة ومستدامة على المدى الطويل. حيث شملت حزمة الإصلاحات التى تم تصميمها داخلياً إجراءات للضبط المالى لضمان إستدامة الدين العام على المدى المتوسط، وتطبيق نظام حر لإدارة سوق الصرف يسمح بتوحيد سعر الصرف وإعادة بناء الإحتياطى النقدى والقدرة على تحمل الصدمات يصاحبها سياسة نقدية تقييدية لتحجيم معدلات التضخم، وفى نفس الوقت تقوية شبكة الحماية الإجتماعية وزيادة الإنفاق العام الموجه للفئات الأولى بالرعاية للحد من أثار الإجراءات الإصلاحية، بالإضافة إلى تطبيق الإصلاحات الهيكلية التى تسمح بتحقيق نمو شامل واحتوائي يعزز خلق فرص عمل جديدة، وزيادة وتنويع الصادرات، وتحسين مناخ الاستثمار، وتطوير إدارة المالية العامة.
وتتمثل أهم الإصلاحات المالية التى يشملها البرنامج مع الصندوق وهى نفس الإصلاحات التى تم عرضها فى برنامج الحكومة الإقتصادى وتم التأكيد عليها فى البيان المالى للموازنة العامة للدولة عن عام 2016/2017 فى مجال الضرائب تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة، ووضع نظام ضريبى جديد ومبسط للمشروعات متوسطة وصغيرة الحجم، ورفع كفاءة الإدارة الضريبية. كما شملت الإصلاحات ترشيد دعم الطاقة تدريجياً على مدى 3-5 سنوات، وإعادة ترتيب الأولويات فى صالح البرامج الاجتماعية ذات المستويات الأعلى فى الاستهداف، بالإضافة الى زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم وتطوير البنية التحتية وبما يدعم التنمية البشرية وتحسين الخدمات العامة للمواطنين.
ويعد الانفاق الاجتماعى أحد المكونات الرئيسية للبرنامج، حيث تعتزم الحكومة انفاق إضافى بما يعادل نحو 1% من الناتج المحلى الاجمالى على برامج الحماية الإجتماعية وفى مقدمتها الدعم النقدى ودعم السلع التموينية. ويهدف البرنامج الى الاستبدال التدريجى لدعم الطاقة ببرامج اجتماعية أكثر كفاءة فى استهداف الفئات الأولى بالرعاية. ولقد قامت الحكومة بزيادة قيمة دعم السلع التموينية من 15 جنيه للفرد شهرياً الى 21 جنيه للفرد شهرياً وإستهداف زيادة أعداد المستفيدين من برنامج تكافل وكرامة الى 1.7 مليون مستفيد فى نهاية العام المالى الجارى، بالاضافة الى البرامج الاجتماعية الأخرى كمعاش الضمان الاجتماعى ومعاش الطفل وبرامج الاسكان الاجتماعى والتغذية المدرسية فضلاً عن الانفاق على التعليم والصحة، وبرامج الدعم الأخرى.
كما يتضمن البرنامج اصلاحات هيكلية هامة لتحسين مناخ الاستثمار وتحفيز الصناعة المحلية والتصدير وتشمل اعتماد قانون التراخيص الصناعية الجديد وتبسيط إجراءات الإفلاس والتصفية عن طريق إعداد مشروع قانون الإفلاس، ووضع خطة عمل لرفع كفاءة منظومة دعم الصادرات، وذلك بهدف تدعيم تنافسية الاقتصاد المصرى مما يساهم فى تحقيق نمو احتوائى وخلق فرص عمل وتنمية الصادرات المصرية.
ولقد بدأ البرنامج الاصلاحى للحكومة المصرية أن يؤتى ثماره الأولية حيث انخفض العجز الأولى للموازنة العامة خلال الفترة يوليو- ديسمبر من العام المالى 2016/2017 الى 1.1% مقارنة بـ 2.1% خلال نفس الفترة من العام السابق. كما ارتفع رصيد الاحتياطى الاجنبى بحوالى 6.7 مليار دولارخلال النصف الاول من العام المالى الحالى ليبلغ 24.265 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2016.كما شهدت مؤشرات البورصة المصرية مؤخراَ ارتفاعات كبيرة وصلت الى نحو 55% فى ظل زيادة كبيرة فى حجم التعاملات وفى مشتريات المستثمرين الأجانب، بالإضافة الى زيادة الإستثمارات الأجنبية فى أذون وسندات الخزانة المصرية، وزيادة موارد الجهاز المصرفى بالعملة الاجنبية بشكل كبير لتبلغ 7.5 مليار دولار منذ تحرير سعر الصرف.
كما شهدت الصادرات المصرية طفرة كبيرة فى شهر نوفمبر لترتفع بأكثر من 50% مقارنة بنفس الشهر من العام السابق فى حين انخفضت الواردات خلال نفس الشهر بنحو 25%. وتظهر المؤشرات وجود إقبال على زيادة الانتاج المحلى وعودة التوجه الى التصدير وهى مستهدفات رئيسية نحو توجيه الإقتصاد المصرى فى المسار السليم.
ويمثل برنامج الإصلاح الإقتصادى للحكومة المصرية نقطة إنطلاق لمرحلة جديدة من النمو الإقتصادى الشامل وزيادة معدلات التشغيل وسوف ينعكس على تحسين مستويات المعيشة، حيث ستسمح الإصلاحات المالية والنقدية والهيكلية التى تنفذها مصر بإستعادة الإستقرار المالى والإقتصادى والثقة المحلية والدولية فى مستقبل الإقتصاد المصرى، وستتيح للدولة مزيد من الموارد للإنفاق التنموى فى تحسين الخدمات العامة والإستثمار فى البنية الأساسية والتوسع فى برامج الحماية الإجتماعية.
ويعتبر قيام صندوق النقد الدولى بمساندة وتمويل برنامج الإصلاح الوطنى على مدى السنوات الثلات القادمة، بالإضافة إلى المساندة الدولية الواسعة لهذا البرنامج من جانب مؤسسات اقليمية ودولية كالبنك الدولى والبنك الافريقى للتنمية و ودول الخليج الشقيقة والصين ودول مجموعة السبع الصناعية الكبرى عاملاً مهماً لزيادة الثقة وطمأنينة المستثمر المحلى والأجنبى لتحقيق دفعة جديدة فى النشاط الإقتصادى كما أن الحكومة ستركز فى الفترة القادمة على الإسراع بالإصلاحات الهيكلية وإزالة المعوقات التى تسمح بتنمية الصناعة المحلية خاصة الموجهة للتصدير.
المصدر أخبار | التحرير الإخبـاري
ليست هناك تعليقات