Header Ads

«التعقب الدوائي».. حارس رقمي يطارد مافيا غش الأدوية

في يناير من العام الماضي أصدر الدكتور أحمد عماد الدين راضي، وزير الصحة والسكان، قرارا وزاريًا يحمل رقم 29 لسنة 2016 ينص على وضع "باركود" إضافي على كافة العبوات الدوائية المُنتجة محليًا، لتعقب الدواء منذ لحظة انتاجه وتوزيعه حتى وصوله إلى يد المواطن المصري، في سابقة تحدث لأول مرة فى مصر من أجل ضبط مافيا الأدوية المغشوشة والمُهربة ومكافحة ظاهرة "الإكسباير" وغسيل السوق المُعاد تدويره على أن يتم ذلك على مرحلتين خلال 3 سنوات، تبدأ في منتصف عام 2018 .

ماذا يعني نظام "التعقب الدوائي"، وما آليات تطبيقه في مصر، وهل يختلف النظام الجديد كثيرًا عن "الباركود" المطبوع على ظهر العبوات الدوائية المتداولة بالسوق المحلي، ومن يتحمل فاتورة طباعته إلكترونيًا وورقيًا على أكثر من 12 ألف عبوة دوائية متداولة بالسوق المصري، وزارة الصحة أم الشركات والمصانع الدوائية المُصنعة، وهل يتم تطبيقه على كافة الأصناف المحلية والمستوردة، وما ترتيب مصر بين الدول التي طبقت منظومة التعقب الدوائي حول العالم؟.. تساؤلات طرحتها "التحرير" على المختصين بالملف الدوائي..

التتبع الدوائي في سطور..

هي منظومة إليكترونية رقمية عامة مُطبقة في عدد من دول العالم لتتبع الدواء منذ لحظة خروجه من مصانع الإنتاج وتوزيعه على عموم الصيدليات الأهلية، مروراً بمراحل التخزين، والتوزيع حتى لحظة وصوله إلى يد المواطن المصري حتى يستطيع المستهلك وفق هذه السياسة الجديدة معرفة ما إذا كان المستحضر الصيدلي سليم أو مغشوش أو مُهرب أو منتهي الصلاحية لتطهير السوق المحلي من مافيا الدواء.

يأتي ذلك من خلال طباعة "باركود" جديد ثُنائي الأبعاد على ظهر العبوة، بجانب الباركود التعريفي عبر برنامج مركزي يتم تنفيذه داخل الإدارة المركزية لشئون الصيدلة والدواء بوزارة الصحة لربط كافة المصانع الدوائية والشركات والصيدليات والمستشفيات بشبكة متكاملة للتتبع والتعقب الدوائي ترصد نتائج الأدوية المستوردة والمصنعة محلياً ويتم تحليل تلك النتائج كل فترة دورية لدراسة الأثر المرغوب أو غير المرغوب الناتج عن استخدامها.

بدايته.. قرار وزاري
في منتصف يناير الماضي أصدر وزير الصحة الحالي قرارًا وزاريًا يحمل رقم 29 لسنة 2016 يتضمن 8 مواد تُنظم سياسة التتبع الدوائي وتضع مواصفات الباركود ثنائي الأبعاد وفقا للنموذج الصادر من المنظمة العالمية للترقيم GSI على أن يحتوي الباركود على رقم الباركود الدولي للسلع GTIN أو ما يعرف بـ Global Trade Item Number الخاص بكافة المستحضرات الصيدلية، التي يتم تداولها داخل السوق المحلي سواء كان المنتج محلي الصنع أو مستوردة من الخارج تامة الصنع أو التي يتم تصنيعها في الخارج ويتم تعبئتها وتغليفها في مصانع داخل البلاد.

بالإضافة إلى وضع تاريخ انتهاء صلاحية المستحضر الصيدلي، ورقم التشغيلة، ورقم التسلسل العشوائي الخاص بكل عبوة المعروف بإسم الـ Serial Number.

هذا البرنامج تأخر كثيراً بحسب القائمين عليه، بسبب عدم توافر التمويل اللازم والتعاون من قبل شركات الإنتاج بحسب الدكتور طارق سلمان، مدير الإدارة المركزية السابق لشئون الصيدلة وصاحب مقترح تطبيق الباركود ثنائي الأبعاد على كافة عبوات الدواء، والذي يستهدف ضمان سلامة سلسلة الإمداد الدوائى بداية من المصنع ووصولا للمريض.

كما أن التتبع بالباركود يوضح بصفة مستمرة نواقص الأصناف الدوائية فى السوق وقطع الطريق على دخلاء المهنة، بالإضافة إلى وصول الدواء الآمن للمريض من مصادره المعتمدة .

من الباركود لـ العلامة المائية..

نظم مختلفة لتحصين الدواء من الغش في البداية كانت مصانع انتاج الدواء تضع رقما خاصا بالتشغيلة أو "باركود" يُدون على العبوة الدوائية وتشتمل على تاريخ الصلاحية الذي لم يكن يتعدى أكثر من سنة واحدة ومن خلال هذا "الباتش" أو "الرقم التعريفي" يتم الوصول إلى كافة المعلومات والبيانات عن المنتج والشركة المُصنعة بما يُشبه بطاقة التعريف الخاصة بالمستحضر الطبي ومع مرور الوقت نجح تجار الأدوية ومافيا الدواء من تقليد ذلك "الباتش" وتضاعفت أعداد الأصناف الدوائية المُقلدة والمغشوشة التي يتم تهريبها بصورة غير شرعية وتُغرق السوق المحلي.

هنا أعلنت العديد من الدول الأوروبية طباعة علامة مائية "لوجو الشركة" بجوار"الباركود التعريفي" وذلك حماية للمنتج الخاص بها من الغش التجاري، ومصر تمتلك كود تعريفي يبدأ بـ(622) لمعظم منتجاتها الدوائية المتداولة بالسوق المحلي، تليها السعودية بـ(628) وتسبقها اسرائيل الذي تمتلك معظم أصنافها الدوائية كود يبدأ بـ(422) ومعظم دول أوربا الغربية تبدأ بـ(400)، بينما يبدأ ذلك الكود الخاص بـ"الباركودينج" بـ(541) في الولايات المتحدة الأمريكية التي تُعد من أوائل الدول التي طبقت ذلك عبر شركة "فايزر" الأمريكية التي بدأت وضع علامة مائية على كافة منتجاتها الدوائية منذ ما يقرب من عامين، خاصة بعد غش عقاري "البلافيكس" الخاص بالجلطات، و"الفياجرا" الذي يباع وحده بأكثر من 7 مليار دولار سنويًا بحسب أخر احصاءات الشركة الأمريكية.


السعودية تتقدم مصر 
"التحرير" رصدت أبرز الدول التي تُطبق منظومة التتبع الدوائي حول العالم، وتوصلت إلى وجود عدد كبير من دول الإتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية بدأت فعليًا في تطبيق منظومة التتبع الدوائي على كافة العبوات الدوائية منذ عام 2012، وعلى رأسها البرازيل والأرجنتين، بالإضافة إلى كوريا الجنوبية والصين منذ عام 2015 وما تزال الولايات المتحدة الأمريكية تسير في خطوات تنفيذها وتُجهز للدراسات والأبحاث الطبية الخاصة بالتعقب الدوائي تمهيدًا لتطبيقها بحلول عام 2023 .

كما أن مصر من أوائل الدول العربية التي تبدأ الدخول في منظومة التتبع الدوائي بعد المملكة العربية السعودية التي بدأت الدراسات منذ عام 2014 وسوف يدخل قيد التنفيذ الفعلي في عام 2019 وكذلك الأردن التي ما تزال تدرس التشريعات والقوانين المنظمة لذلك على أن تبدأ المرحلة الأولى من المشروع في منتصف 2019 .

الشركات تعاني 
عدد كبير من الشركات الموزعة بدأت في الوقت الحالي تطوير المنتجات الدوائية الخاصة بها وإعداد قوائم كاملة وملفات لكافة المنتجات والمستحضرات الطبية المتداولة بالسوق المحلي والمستوردة بالتنسيق مع عدد من شركات الدواء العالمية من أجل التجهيز للعمل بنظام التتبع الدوائي الجديد .

تقول الدكتورة ايمان دويدار، المسئول عن تطبيق المنظومة داخل الشركة المصرية لتجارة الأدوية إن العبء الأكبر في التنفيذ يقع على عاتق الشركات المنتجة للدواء وعلى رأسها الشركة القابضة للأدوية التي تستورد ماكينات طباعة جديدة مكلفة جدًا بتقنيات حديثة أو تُجري تعديلات خفيفة على ماكينات الطباعة الموجودة لديها من أجل طباعة "الباركود ثنائي الأبعاد"، بينما تكتفي الشركات الموزعة بشراء "Reader" أو قارئ للكود الدولي الجديد حسب عروض الأسعار المُتاحة أمام تلك الشركات.

وأضافت دويدار «إحنا همنا خفيف شوية بالمقارنة مع الشركة القابضة والمصانع الإنتاجية وبعتنا للشركات المستوردة الدخول في المنظومة والتسجيل لدى شركة الترقيم العالمية لإدخال الكود الجديد على كافة منتجاتها الدوائية».



المصدر أخبار | التحرير الإخبـاري

ليست هناك تعليقات