Header Ads

«دايمًا يا عبد الودود مرابط ع الحدود» (١)

الجيش المصري لم يؤسس قوات للحدود إلا بعد الاحتلال

نابليون وفريزر دخلوا من الإسكندرية بلا مقاومه وخرجوا منها أيضًا

محمد علي أمَّن الحدود بغزو اليونان وسوريا والإنجليز أنهوا مشروعه بترسيم الحدود المصرية 

محمد نجيب والسادات والجمسي أشهر حراس الحدود 

أبطال الحدود تصدوا لقوات روميل في "فوكة" و"الضبعة" وأسقطوا طائرة وأسروا طياريها 

 

ربما كانت مصر هي الدولة الوحيدة في العالم التي احتفظت بحدودها كما هي الآن منذ آلاف السنوات، ومع ذلك ورغم امتلاكها أعظم جيوش الأرض منذ آلاف السنين لم تؤسس قوات خاصة لحراسة حدودها إلا منذ ١٣٠ عامًا فقط، واعتمدت على تأسيس القلاع والحصون لصد الغارات عند الحدود.

أمَّا اليوم، فقوات ووحدات ومقاتلي حرس الحدود لهم وضع مميز وخاص مع ترسيم حدود رسميه للدولة المصرية، وللمفارقة كان ذلك بعد احتلال مصر من بريطانيا عام ١٨٨٢ حيث تمَّ إنشاء أول قوة لحرس الحدود في ١٨٨٧ تحت مسمى مصلحة خفر السواحل، وكانت عبارة عن إدارتين هما إدارة السواحل وإدارة الحدود. 

لكن كيف كانت الدولة المصرية الحديثة تحمي حدودها قبل أن ينشئ محمد علي الجيش المصري من أبناء المصريين؟

إجابة هذا السؤال في معرفة كيف واجهت مصر حملتين أوروبيتين نزلتا على أراضيها بقواتهما لاحتلالها، الأولى هي الحملة الفرنسية ١٧٩٨-١٨٠١، والثانية حملة فريزر ١٨٠٧، والاثنتان نزلتا بالبحر من الإسكندريه واحتلتا مدينتين شاطئيتين هما الإسكندريه ورشيد على التوالي، ويظهر في طريقة تصدي القوات العسكرية لهما شكل حماية الدولة قبل تكوين الجيش المصري عن طريق حاميات الحصون وقوات محدودة تفشل، فيقع الغزو كما حدث مع حملة نابليون التي احتلت مصر ثلاث سنوات، أو تنجح في صد الهجوم كما حدث مع حملة فريزر ١٨٠٥ التي عادت أدراجها خاويه الوفاض.

وعندما وصلت السفن الفرنسية الإسكندرية، وأنزلت قواتها في العجمي لم يعترضهم أحد وزحف الجيش الفرنسي للقاهرة، واحتلها، أما الحملة الإنجليزية فنزلت أيضًا بالإسكتدريه بحرًا ودخلتها بسهولة بعد أن تواطئ حاكمها العثماني أمين أغا وفتح حصونها للإنجليز، لكن حامية رشيد المكونة من ٧٠٠ جندي تصدت للقوه الإنجليزية وسقط قائدهم ويكوب قتيلًا مع ١٧٠ قتيلًا آخرين، وأسر منهم ١٢٠، وبعد معارك انسحب الإنجليز للإسكندرية ومنها طلبوا التفاوض للانسحاب.

ومع تأسيس محمد علي للجيش الحديث عام ١٨٢٠، لم يهتم كثيرًا بتأمين الحدود لأنَّه كان يحمل في عقله مشروعًا توسعيًّا لا يرغب في تقييده بحدود بل بالعكس استجاب لطلبات الخليفه العثماني بإرسال حملات للجزيره العربيه أثناء تمرد الوهابيين وأخضع الجزيره العربية، وأرسل جيشه إلى أعالي النيل وضم السودان إلى دولته، وفي نفس العام دخل حرب الموره واستولى على اليونان وعين واليًّا عليها ولكنه واجه الجيوش الأوروبية في هذه الحرب التي استمرت ثماني سنوات انتهت في ١٨٢٨ بانسحابه منها، ثمَّ عاد ودخل حربًا لضم سوريا لأنه كان يؤمن أنَّ تأمين الحدود المصرية يكون بتحصينها بحدود أخرى تمثل حاجزًا بين دولته وبين نفوذ السلطان العثماني.

وبعد احتلال مصر وترسيم الحدود في ١٨٩٩، أنهت بريطانيا مشروع محمد علي وفصلت السودان عن مصر لأول مرة منذ ضمها محمد علي لدولته، وأصبح لمصر حدود مرسومه شمالًا بالبحر المتوسط وجنوبًا بخط ٢٢ شمالًا.

وفي عهد السلطان حسين كامل عام 1917، صدر قرار مجلس الوزراء بإنشاء مصلحة أقسام الحدود وألحقت بوزارة المالية، ثمَّ في ١٩٢٢ نقلت تبعية مصلحة الحدود ومصلحة خفر السواحل إلى وزارة الحربية وكان ملحقًا عليها لواء حرس الحدود، وفي ١٩٣٩ صدر مرسوم ملكي بفصل مصلحة خفر السواحل ومصايد الأسماك عن وزارة المالية وضمها لوزارة الحربية، وفي ١٩٤٠ تمَّ فصل لواء الحدود عن مصلحة الحدود وأصبحت تبعيته لرئيس هيئة  أركان الجيش.

وفي ١٩٤٦، أنشئ السلاح البحري المصري من بحرية خفر السواحل وصدر المرسوم الملكي بضم مصلحة الحدود إلى لواء الحدود الملكي وإنشاء سلاح الحدود. 

وبعد ثورة 23 يوليو ١٩٥٢، بدأت مرحلة جديدة تالية لتكوين وتطور قوات حرس الحدود، فتمَّ ضم مصلحة مصائد الأسماك إلى مصلحة خفر السواحل وفي العام التالي ١٩٥٣ تعدلت مصلحة خفر السواحل لتكون مصلحة السواحل والمصائد وحرس الجمارك، وتمَّ نقل الأعمال الخاصة التي تقوم بها إدارة الحدود إلى الوزارات المختصة، وفي ١٩٦٢ تمَّ نقل إدارة المحافظات الصحراوية للمحافظين والحكم المحلي عدا محافظة سيناء من إدارة الحدود.

وغيَّرت هزيمة ١٩٦٧ الكثير في مصر، حيث أعيد تنظيم قوات حرس الحدود وتمَّ تشكيل وحدات حرس الحدود إلى أفواج سيارات ووحدات مراقبة جوية بالنظر ومركز بحث وإنقاذ أرضي، وفي يناير ١٩٦٩ صدر قرار جمهوري بنقل اختصاصات مصلحة السواحل بشأن أعمال حرس الجمارك إلى مصلحة أمن الموانئ بوزارة الداخلية، وبعدها بشهور في مايو ١٩٦٩ صدر قرار جمهوري آخر بنقل بعض اختصاصات وزارة الحربيه "مصلحة السواحل" إلى وزارة التموين والتجارة الداخلية عدا مراقبة الصيد وتأمين السواحل والبحيرات الساحلية والمسطحات المائية.

أمَّا الشكل الحالي للقوات فقد وصلت إليه في 6 يوليو 1972 عندما تمَّ دمج إدارتي الحدود والسواحل لتكون تحت مسمى قيادة قوات حرس الحدود والسواحل، وفي 24 نوفمبر 1973 صدر أمر القيادة بتعديل التسمية لتكون قيادة قوات حرس الحدود، وفي ١٩٧٤ صدر قرار جمهوري بضم محافظة سيناء إلى الحكم المحلي، ولذلك انتهت اختصاصات قوات حرس الحدود بالنسبة لأعمال الإدارة المدنية.

وكانت آخر مرحلة في تطوُّر إنشاء قوات حرس الحدود ما بين ١٩٨٤ - ١٩٩٨ والتي شهدت في ١٩٨٤ نقل تبعية المراقبة الجوية بالنظر إلى قيادة الدفاع الجوي، وفي ١٩٨٨ صدرت تعليمات تنظيم تشكيل أفواج حرس الحدود وسرايا الهجانة في كتائب.

وفي ١٩٩٤، أنشئ مجمع خدمات قوات حرس الحدود التابعة لمجموعة مخابرات وأمن حرس الحدود لإصدار كافة التصاريح الخاصة بارتياد المناطق الممنوعة، ويروح عائمات الصيد والنزهة على سواحل الجمهورية، وفي ١٩٩٨ تمَّ إنشاء كتيبة الدواب والكلاب الحربية.

سجل بطولات وعظماء 

تحتفظ السجلات الرسمية لقوات حرس الحدود بمحطات فخار تشير إلى أبرز المعارك التي شاركت فيها قوات حرس الحدود عبر تاريخها ومنها إسقاط إحدى طائرات قوات المحور "ألمانيا" شرق مطروح بنيران فصيلة حرس حدود وأسر طياريها، كما تسجل التصدي لقوة ألمانية وإحباط محاولة تخريب خط السكك الحديدية بين مطروح والإسكندرية بمنطقة فوكه بالقرب من مطروح والعلمين.

وأثناء حرب أكتوبر ١٩٧٣، تصدَّى الفوج الأول "حرس حدود" لقوات العدو غربًا بمنطقة بئر عديد بالعين السخنة وتدمير جزء كبير من معداته، كما تسجِّل أيضًا خلال هذه الحرب المجيدة إبلاغ عناصر المراقبة الجوية بالنظر التابعة لسلاح الحدود عن ٢١٥٣ طائرة معادية والإبلاغ عن الثغرة ما بين الجيشين الثاني والثالث الميدانيين، وخلال حرب أكتوبر سقط من قوات حرس الحدود ٤٨ شهيدًا بينهم ضابطان.

وفي قلب سجلات الشرف، تبرز أسماء قادة عسكريين عظماء ووزراء دفاع خدموا في سلاح الحدود بينهم رؤساء خدموا بهذا السلاح، أولهم الرئيس الراحل محمد نجيب الذي كان قائد لواء الحدود بالجبل الأصفر من يناير إلى ديسمبر ١٩٤٣، وتقلَّد منصب مدير سلاح الحدود الملكي بين ١٩٥٠-١٩٥١، كما خدم الرئيس الراحل محمد أنور السادات كضابط بكتيبة اللاسلكي للحدود بالجبل الأصفر الضبعه في الفترة ما بين يوليو ١٩٤١ إلى أكتوبر ١٩٤٢.

وبين الضباط الأحرار، يبرز اسم عبد القادر حاتم وزير الإعلام الأسبق وعضو مجلس قيادة الثورة الذي خدم بلواء الحدود بالجبل الأصفر وبرج العرب وسيوة والعريش بين أبريل ١٩٤٠ إلى فبراير ١٩٤٥، واسم المشير عبد الغني الجنسي وزير الدفاع الأسبق وأحد أبرز قادة حرب أكتوبر والذي عمل بمجموعة مخابرات حرس الحدود كضابط مخابرات من أغسطس ١٩٤١ إلى مارس ١٩٤٥، ثمَّ عمل مساعد المدير للمخابرات بين أغسطس ١٩٥٢ إلى ديسمبر ١٩٥٤.



المصدر أخبار | التحرير الإخبـاري

ليست هناك تعليقات