حماية المستهلك بين جشع التجّار واستغاثات المواطنين
استدعى مجلس النواب، اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، اليوم الأحد، ليس لاستجوابه في أسباب عدم وجود رقابة على الأسواق وتباين أسعار السلع بين منطقة وأخرى ومحافظة وأخرى، واستغلال بعض التجار لارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه؛ بل كان الاستدعاء لمناقشة ظاهرة انتشار المسابقات التليفزيونية الوهمية.
تم إنشاء جهاز حماية المستهلك بموجب القانون رقم 67 لسنة 2006 الصادر في 19/5/2006 - على أن يتم العمل به اعتبارًا من 20/8/2006، حيث تم النص في المادة (12) منه على أنه ينشأ لتطبيق أحكام هذا القانون جهاز يسمى (جهاز حماية المستهلك) يهدف إلى حماية المستهلك وصون مصالحه وتكون له الشخصية الاعتبارية العامة ويتبع الوزير المختص ويكون مركزه الرئيسي مدينة القاهرة وله فروع أو مكاتب بالمحافظات.
ويقوم جهاز حماية المستهلك، بإحالة العشرات من الشركات المحلية والأجنبية العاملة في السوق إلى النيابة العامة، وذلك مصحوبًا ببيانات إعلامية يرسلها إلى قائمة تضم عشرات الصحفيين والقنوات الفضائية للتشهير بتلك الشركات والخطأ الذي وقعت فيه.
لا يمكن اللوم على جهاز حماية المستهلك في قيامه بجزء من دوره تجاه الشركات الكبرى، لتأكيد أنه لا أحد فوق القانون ومن يخالف يستوجب المحاسبة، ولكن كثير من تلك الشركات كثيرًا ما تعقب على بيانات حماية المستهلك وتوضح أخطاء لم ترتكبها أو تفاصيل اتخذ فيها الجهاز قرار من نفسه دون العودة إليه للتدقيق.
وأوضحت مصادر مسؤولة من بين شركات تمت إحالتها للنيابة، في تصريحات خاصة لـ"التحرير"، أن الإحالة للنيابة في حد ذاته لا يعد إدانة، لكن بيانات جهاز حماية المستهلك دائمًا ما تحمل تشهيرًا بالشركات، في حين أن الدور الرئيسي للجهاز وهو حماية المستهلك من جشع التجار وغش السلع غير ملحوظ خاصة في الشهور الأخيرة والتي شهدت ارتفاعًا جنونيًا للأسعار بعض منها غير مبرر وليس مرتبطًا بالدولار.
وأشارت المصادر التي فضّلت عدم ذكرها حتى لا يتم تصيدها فيما بعد من قبل الجهاز - إلى أن أزمات السكر والزيت والأرز خلال الشهور الأخيرة ما أكثر منها، وغالبية تلك الأزمات كانت نتيجة احتكار بعض التجار لتلك السلع، مستدركة: "لم نسمع يومًا عن ضبط أحد التجار ولديه كميات كبيرة من المخزون للسلع التموينية الرئيسية التي يبحث عنها المواطن، لكن الجهاز يسعى دائما لجذب الأنظار تجاهه من باب الشو الإعلامي".
ودللت المصادر - بأن الجهاز لم يصدر منذ عامين أي تقارير تتعلق بالشكاوى التي يتلقاها من قبل المستهلكين والتي تتجاوز 140 ألف مكالمة سنويًا، حيث أظهر آخر تقرير نشره الجهاز لعام 2014 استقباله لـ 138 ألف مكالمة وقام بالرد على 118 ألف منهم، فيما أوضح التقرير أن الجهاز استقبل 28787 ألف شكوى خلال عام 2014 وقام بمعالجة 21839 ألف شكوى وقرابة 7 آلاف شكوى قيد التحقيق.
وفي معرض جوابه، اليوم الأحد، أمام البرلمان، قال عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، إنه قام بمنع إعلان الدوندو -أحد إعلانات شركات الألبان، والمشروب الغازي بيريل، ووصفه بأنه يهين قيم المجتمع، والإعلان الذي تضمن قيام الرجل بصفع ابنه، والأم التي أخذت الكتاب من يد ابنها وألقته في الشارع.
أضاف يعقوب: "ليس لدينا قانون خاص بالإعلانات ووزارة التضامن وليس لدينا ظهير قانوني.. وضعنا قانوني لحماية المستهلك ووضعنا آليات جديدة وأن يحكم القاضي بغلق القناة سنة وحجب التردد"، موضحًا أن الجهاز لديه 80 حكمًا قضائيًا بغلق عدد من القنوات".
ومن بين أبرز الشركات التي قام حماية المستهلك بإحالتها إلى النيابة شركات "أمريكانا ولابوار والأهرام للمشروبات وشركات المحمول الثلاثة وأسمنت قنا وشركة جوميا وشركات أخرى"، ويستشهد جهاز حماية المستهلك بنص المادة 27 من دستور 2014 على أن "يهدف النظام الاقتصادي إلي تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المسندامة والعدالة الاجتماعية بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي ورفع مستوي المعيشة وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة والقضاء علي الفقر، ويلتزم النظام الاقتصادي بمعايير الشفاقية والحوكمة ودعم محاور التنافسية وتشجيع الاستثمار والنمو المتوازن جغرافيًا وقطاعيًا وبيئيًا ومنع الممارسات الاحتكارية مع مراعاة الاتزان المالي والتجاري والنظام الضريبي العادل وضبط آليات السوق وكفالة الانواع المختلفة للملكية والتوازن بين مصالح الاطراف المختلفة بما يحفظ حقوق العاملين ويحمي المستهلك".
ومن بين أشهر تصريحات اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، أنه تقدم بطلب إلى وزير المالية ورئيس البنك المركزي، يطالب بعودة العملات الصغيرة من بينها القرش، للحد من ارتفاع أسعار السلع، مؤكدًا أن أحد أسباب ارتفاع الأسعار هو إلغاء العملات الصغيرة، وأكبر القرارات التي أضرت بالاقتصاد المصرى هي إلغاء القرش "بحد وصفه".
ولم يملك يعقوب من آليات لمعاقبة جشع التجار ومنع المضاربة، سوى الدعوة لمبادرة لمقاطعة الشراء لجميع السلع والمنتجات ليوم واحد فقط كان بداية ديسمبر الماضي، مؤكدًا أن المستهلك المصرى تلقى عدة ضربات أو لكمات في الأسعار خلال الفترة الأخيرة دون اعتراض، لذا يجب مساندة الجهاز بشتى الطرق، والوقوف في وجه التجّار الذين يستغلون حاجته للسلعة.
المصدر أخبار | التحرير الإخبـاري
ليست هناك تعليقات