لا شئ يفوق "الإبتكار".. لا شئ يفوق إعلان كاريير
كتب: محمود البنَّا
لا دربَ يفوق الإبتكار الواعي / الإقناع نجاحًا و سرعًة فى توصيل المضامين الحقيقية للرسائل و الأفكار الإعلانية للجمهور، و لا نتيجة تفوق الإنبهار / الإقتناع أهميًة عند ذلك الجمهور المستهلك / المستهدف ، و فى الأصل دائمًا .. لا شئ يفوق قناعات المستهلك و رضاه أهميًة عند المعلن و الشركة الإعلانية ، إذًا .. لا نتيجة أفضل من الإقتناع المبني على الإقناع و الإبتكار نجاحًا وسرعًة و أهميًة فى تقديم المنتجات الجديدة للجمهور عبر إعلان تلفزيوني.
بالإقتراب أكثر من إعلان كاريير الجديد " لاشئ يفوق إختيار منى" ، تبدو تلك القاعدة المنطقية متحققة بامتياز في تفاصيله التى يغلب عليها الطابع الكوميدي ، ما جعل الإعلان فى مقدمة مارثون رمضان الإعلاني ؛ حيث ابتكر الإعلان طريقة فريدة من نوعها فى تطويع علم النفس لإقناع جمهور المنتج المستهدف الوصول إليه و إقناعه ، و هي : تعريته ، ففي ظني أن كاتب الاسكربت وجه لنفسه – ضمنيا – سؤالًاا عن : ماذا لو استطعت تعرىة الإنسان / القوة الشرائية ، و كشفت بدقة عن غرائزها الشرائية الفاعلة فى تحديد قراراته الشرائية ؟! ،، و أجاب : سأصنع من تلك الغرائز حبلًا أربطه به ، و أقوده – عن رضا – إلى شراء منتج الإعلان الذي أصنعه ، سأضعها فى حسبان كل جملة فى الاسكربت ، ثم أقيمُ حوارا ليس طرفيه البائع / و المشتري ، و إنما طرفاه (البائع/المتلاعب بالعقل ، و المشتري/ الدمية ) ، ليستمر تحقق مضامين كتاب " المتلاعبون بالعقول..من تأليف هربرت شيللر " فى مضمار آخر غير السياسة و هو الإعلان
وفى ظني أيضا أن المخرج فهم موقف الإعلان من الجمهور جيدا ، و موقف مؤلف الإعلان من الجمهور أيضا .. فجاء بالممثلين يمثلون حرفيا الشريحة الأكبر للمجتمع الأسري المصري الذي تلاشت فيه ما يمكن تسميته بالطبقة المتوسطة ؛ ليرتدي الزوج فى الإعلان ما يوافق نمط الزوج المصري التقليدي الذي يرضخ لقرارات تتخذها الزوجة فى أغلب الأحيان ، فضلًا عن مطابقة الأزياء لتفاصيل شخصية " الفتَّاي " ، " محدث النعمة " ، " العائد من الخليج " " الـ كان في جرة و طلع بره "
نظرة على صورة الزوج فى الإعلان ترصد بعض الدلائل على ذلك التحليل : نظارة شمس فى مكان مغلق ، قميص أخضر عليه رسومات لطائرو أوراق نباتات !! . و لا أعلم – الحقيقة – إن كان صانعو الإعلان قدموا ذلك النموذج لأنه يمثل شريحة كبيرة فعلا من المجتمع؟ ، أم لأن المجتمع المصري نفسه مستمر فى التقوقع داخل الجرة و يحلم بالخروج منه
نمط آخر من الشخصيات التى تمثل عنصرا فاعلا فى مجموعة القوة الشرائية المستهدفة من الإعلان تقدمُه الزوجة :صديقة / جارة / أخت .. تبحث دائما عن كيف تتجاوز الوضع الإجتماعي لصديقتها / جارتها / أختها ، كيف " تبقى زي منى
منى مين حضرتك ؟؟
مُنَى التى لم تظهر في الإعلان ، لكنها من جهة آخرى تؤسس لمقاصد الإعلان فعلى ما يبدو من صورة منى داخل البرواز أنها أكثر أناقة من ممثلته ، و بالتالي هي صاحبة ذوق رفيع فى اختياراتها ، و هنا نقطة إيجابية فى صالح المنتج المعلن عنه : المنتج يجذب أصحاب الذوق الرفيع فى المجتمع ، أصحاب منطق " الغالي .. تمنه فيه "
طرف الحوار الثالث هو البائع ، الذي أدركَ تماما كيف يقنع عميله خلال الإعلان / و يقنع المجتمع الشرائي بناءا على الإعلان : ماذا تريدين ؟ - أريد أن أكون منى ...... ماذا تريد ؟ - مثل ما تريد زوجتي
الإعلان كله أدرك كيف يقنع عملاء منتج إعلانه : خاطب الناس على قدر تطلعاتهم ، فإن كانوا يشعرون بالغيرة أو التقزم أمام فئة إنسانية معينة ، فأعلمهم أن شراء منتجك سيخلصهم من مشاعرهم السلبية و يحقق لهم الأمان النفسي
أخيرًا ، أنا هنا أتحيز لفنيات صنع الإعلان و لا أتحيز للوسيلة التى ستحقق غايته
ليست هناك تعليقات