حوار| جنينة: الفساد وصل جهات سيادية.. ومسؤولون بالمئات متورطون
ما تبقى من فساد أكثر بكثير مما كشف عنه.. ولا بد من تفعيل الرقابة الشعبية
ما يحدث من كشف فساد يعد رد اعتبار لي.. وربنا كفيل برفع الظلم عني
ارتبط اسمه بمكافحة الفساد، حيث تحدث مرارًا عن حجمه و"تغلغله" في الجهاز الإداري للدولة، ثم عاد ليتردد بقوة بعد كشف الستار عن قضايا تورط فيها مسئولون كبار، خلال الفترة الأخيرة.. إنه المستشار هشام جنينة، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، صاحب التصريح الشهير حول فاتورة الفساد التي "تخطت الـ600 مليار جنيه".. التحرير حاورت "جنينة"، الذي تحدث عن ملفات كثيرة اطلع عليها بحكم عمله السابق، وإلى نص الحوار:
كيف ترى مواجهة الفساد في مصر؟
الفساد ظاهرة لن تنتهي طالما وجدت البشرية، فالعمل البشري منذ بداية الخليقة ارتبط بالفساد، ولم يخل مجتمع من هذا الفساد، ولكن تختلف درجته وتصنيف الدول على مؤشر الشفافية ومكافحة الفساد حسب السياسات المتبعة، فالمسألة ليست بكشف قضية هنا أو هناك، وإحداث فرقعة بضبط قضية كبيرة، وإنما مقاومة الفساد ومواجهته عبر سياسات وتشريعات، وتفعيل دور المؤسسات، وإطلاق يد الأجهزة الرقابية بشكل يعطيها الحق في إحالة القضايا مباشرة، دون الحصول على إذن مسؤولين هنا أو هناك قبل اتخاذ الإجراء.
برأيك.. هل بدأت الدولة تحاصر منابع الفساد؟
توجد قضايا فساد لم يكشف عنها حتى الآن، وأتمنى أن يتم التحقيق في ما رصده "المركزي للمحاسبات"، حيث تورط في بعضها كبار المسؤولين، الذين لم يتم مساءلتهم، أسوة بما حدث مؤخرًا، وأريد الإشارة إلى أن القضية الأخيرة كان هناك جوانب منها معلومة للجهاز منذ أمد طويل، وكتب فيها أحد تقاريره، التي أتمنى أن يؤخذ بها، خصوصًا أنها كانت معدة وكشفت جوانب من هذا الفساد الذي ظهر في القضية الأخيرة منذ أيام.
تلك القضايا موجودة منذ فترة المستشار جودت الملط (رئيس الجهاز الأسبق)، وليس أثناء فترتي فقط، فأنا لا أنسب الفضل إليَّ، حيث يعود كل الفضل للجهاز والعاملين فيه.. فإلى متى السكوت على تقارير تناولت مسؤولين كبارا بالدولة؟
هل لا يزال المسئولون المتورطون في قضايا فساد في مناصبهم؟
يمكن القول إن بعضهم غادر منصبه لكن لم يتم ملاحقتهم، وهم ما زالوا على قيد الحياة.
وكيف يتم التعامل مع هذا الملف؟
لا بد من مواجهة الفساد بوضع سياسات وتشريعات، وإطلاق يد الأجهزة الرقابية دون مخاوف تحد منها، إضافة لتفعيل دور الرقابة الشعبية، ومن الممكن أن ينضم شخص ما إلى جهاز رقابي، فبدلا من أن يكافح الفساد، يعاون على انتشاره وعدم كشفه أو ملاحقته.
العبرة تكون في مراقبة عمل الأجهزة الرقابية المعنية بكشف الفساد، وتفعيل دور المجتمع المدني والرقابة الشعبية على أداء تلك الأجهزة، هذا يمثل الدور الأهم والغائب، ولذلك حزنت من محاولة تهميش واغتيال دور منظمات المجتمع المدني، التي تمثل العين الشعبية على أداء المؤسسات الرقابية، لأن المؤسسات الرسمية قد يعتريها ما يُصيب مؤسسات كثيرة من هيمنة وسيطرة لأجهزة تغل من (تُقيد) نشاطها وسياستها في مكافحة الفساد.
وما عدد الملفات الخاصة بالمسؤولين؟
القضايا موجودة بتقارير الجهاز، وتم الإبلاغ بها لبعض الجهات القضائية، وأتمنى أسوة بالقضية الأخيرة، أن يتم كشف النقاب عن باقي القضايا الأخرى المودعة لدى جهات التحقيق، والملفات عددها كبير تصل إلى مئات القضايا، أرجو أن يتم فتحها، والقضية ليست تصيدا لمسؤول هنا أو هناك، لكن نجعل القانون يسود، ويتم التعامل به مع الكافة، ولا تكون هناك جهة سيادية أو مسؤول سيادي، وعندما يحدث ذلك، يمكن القول إننا أدركنا المعايير العالمية التي يمكن أن تجعل من تصنيف مصر في مؤشر الشفافية ومكافحة الفساد في مرتبة جيدة، لكننا إذا ظللنا على هذا الأداء، وغابت الشفافية وتطبيق القانون على الكافة، وكبار المسؤولين في الأجهزة السيادية، سيستمر الحال كما هو عليه.
هل توجد ملفات فساد في "المركزي للمحاسبات" لمسئولين بجهات سيادية؟
بالفعل.. القانون لم يطبق عليهم فيما تحصلوا عليه من منافع ومزايا على حساب المال العام، وأتمنى على المسؤولين بالدولة أنه أسوة بما حدث مؤخرًا، أن يتتبعوا كل المسؤولين الذين طالت أيديهم على المال العام، وهو مال حرام أن يقترب منه أي إنسان مهما كان موقعه أو منصبه.
هل يصل ما يجنيه هؤلاء إلى المليارات؟
لا يعنيني حصر هذه الأموال، لكن ما يهمني أن يطبق القانون على الجميع دون استثناء.
كيف ترى الرسائل التي تدافع عنك كلما انكشف الستار عن قضية فساد؟
ربنا أعلم من ظُلم، والله هو الكفيل برفع هذا الظلم، وما يكشف من فساد أعتبره رد اعتبار، وكلما يتكشف للناس، يظهر مدى صدق ما قلته عن حجم الفساد الذي طال مؤسسات، ما كان ليصل الفساد فيها إلى هذا الحد، والباقي أكثر بكثير مما كشف عنه.
المصدر أخبار | التحرير الإخبـاري
ليست هناك تعليقات