Header Ads

السيسي يثير الجدل بـ«الطلاق الشفهي».. وقانونيون: «مخالف للشرع»

فى 28 سبتمبر الماضى، أعلن مركز معلومات دعم اتخاذ القرار، التابع لمجلس الوزراء، دراسة صادمة تؤكد أن مصر هى الأولى على مستوى العالم فى حالات الطلاق، وتشهد حالة طلاق كل 4 دقائق، إذ ارتفعت نسبة حالاته من 7% إلى 40% فى الخمسين عامًا الأخيرة فقط، وزادت فى عام 2015 إلى 2.2 فى الألف بزيادة 83% عن المعدل فى 1996، حيث تقع 200 ألف حالة طلاق خلال العام ما يعادل 22,6 حالة طلاق كل ساعة تقريبا، وهو ما يعنى حالة طلاق كل 3,8 دقيقة، وهو ما حظى باهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى سلط الضوء على الأمر خلال حديثه أمس فى عيد الشرطة، مطالبًا بسن قانون يحظر توثيق الطلاق إلا بحضور مأذون، قائلًا: «عاوزين الطلاق يتوثق بحضور المأذون عشان يحاول يصلح بينهم، وما يبقاش الطلاق سهل وبكلمة يطلقها الرجل.. مش كدا يا فضيلة الإمام.. تعبتنى والله فضيلتك، إحنا كدولة معنية بالحفاظ على مجتمعها ليه ما نطلعش قانون أن لا يتم الطلاق إلا أمام مأذون».

دعوى قضائية
وفى الوقت الحالى تبحث هيئة مفوضى الدولة دعوى قانونية أمام محكمة القضاء الإدارى تطالب بعدم الاعتداد قانونًا بالطلاق الشفوى وإن وقع، بحجة اللجوء إلى ما يعرف بـ"المحلل" بعد وقوع الطلقة الثالثة.

وتحمل الدعوى رقم 12265 لسنة 70 قضائية، وتختصم كلا من رئيس الوزراء ووزير العدل وشيخ الأزهر، وتطالب بعدم الاعتراف بالطلاق الشفوى للمتزوجين، بحجة عدم اعتراف الشعب المصرى به بدلالة استكمال الزوجين للحياة الزوجية مع إكثار الأزواج ألفاظ الطلاق الشفوية التى يندفعون إليها بسبب ضغوط الحياة بدون إرادة الطلاق الحقيقى وقبول كثير منهم أدنى المبررات الفقهية التى تقضى بعدم احتساب لفظ الطلاق الشفوى طلاقا شرعيا.

الطلاق يقع باليمين
أستاذ القانون الدكتور إبراهيم محمود، نفى أن يكون مقصد الحديث فى الأمر هو عدم الاعتراف بالطلاق الشفوى، قائلًا: "هذا تحريم بين، فالطلاق يقع بمجرد اليمين، ومنطقى الذهاب للمأذون لإتمام الإجراءات بعد يمين الطلاق، ومن ينكره من الأزواج تقاضيه الزوجة أمام المحكمة، وإذا أنكر يقسم قسمًا عظيمًا، ويتحمل وزر استمرار الزواج، وضرر الزوجة".

وقال إبراهيم، للأسف فى واقع محاكمنا نرى خراب ذمم، إذ يطلق الرجل بكلمة، ويرفض إثباتها بعقد طلاق، فتضطر الزوجة إلى اللجوء للمحكمة، مستشهدًا بقضية مرت عليه، أنكر خلالها الزوج خلال تحقيقات النيابة وقوع الطلاق الشفوى، لمنع تمكين أم أولاده من مسكن الزوجية، وحينما استعانت الزوجة بشهود، ووجد أنه قد وقع فى جريمة تزوير بالكذب فى محضر رسمى أقر بالطلاق أمام المحكمة، وكان ذلك بعد سنة قضتها الزوجة فى المحاكم، وفى حالات أخرى قد لا يكون عند الزوجة شهود فيكون الفيصل هو "اليمين الحاسمة" بالحلف العظيم على النطق بالطلاق من عدمه.

يخالف الشرع
ونفى أستاذ القانون منطقية سن قانون لعدم الاعتراف بالطلاق الشفوى، مؤكدًا أن ذلك يخالف الشرع، فثلاثة جدهن جد وهزلهن جد "الطلاق والنكاح والعتق"، وقال: "كلمة الطلاق مافيهاش هزار، ولا يمكن لأحد التنصل منها بحجة أنها باتت مستساغة على الألسنة والجميع يحلف بها عشرات المرات فى الشوارع وعلى المقاهى، فالطلاق وتحريم الزوجة على الزوج يقع بمجرد نطق يمين الطلاق، ولا يمكن سن قانون يخالف ذلك.

وشرح أنه فى الطبيعى يتم الطلاق أمام مأذون، لكن لو وقع شفاهة عادة لا يتضرر الزوج من عدم توثيقه، وفى حالات كثيرة يهمل الزوج توثيقه ويترك الزوجة كالمعلقة إلى أن تطالب هى بإتمام الطلاق رسميًا وتضطر للجوء إلى المحاكم، وفاسدو الذمم من الرجال لا يعترفون بالطلاق إما بسبب تكلفته أمام المأذون أو للإضرار بحقوق الزوجة، فتبرأ الزوجة الزوج أمام المأذون، أو تقيم دعوى إثبات طلاق، أو دعوى خلع فتقضى قرابة العام فى المحكمة أو تقيم دعوى طلاق وهنا تأخذ سنوات فى المحاكم، لكن مهما كان الأمر فالطلاق واقع بمجرد كلمات الزوج.

وأكد إبراهيم: مفيش حاجة اسمها الطلاق الشرعى شىء، والطلاق القانونى شىء آخر، أو أن الطلاق الشفوى لا قيمة له، فكلهم طلاق واقع ولا فصال فيه، لكن يجب إثباته قانونًا حفاظًا لحقوق المرأة وصونًا لها، ولو كانت هناك مطالب بإجراءات مثل المشورة قبل الطلاق أو فرض اتخاذ إجراءات معينة، فهذا لن يجدى شيئا إذا كان الزوج نطق بالطلاق فعلًا لأن هذا شرع لا فصال فيه.

خلاف فقهى
أشار الفقيه الدستورى الدكتور شوقى السيد، إلى أن الطرح لمسألة تصعيب إجراءات الطلاق وعدم الاعتراف به إلا إذا تم رسميًا فى سياق قانونى له إجراءات محددة وليس بمجرد كلمة الطلاق، يعد فتحًا لخلاف بين القانون الوضعى والشريعة الإسلامية، فالشرع يقول يقع باليمين الشفهى حتى لو لم تترتب آثاره، ويعتبر إثمًا لو استمر رغم الطلاق الشفهى، بينما الطرح الحالى يطالب الدعوة لعدم الأخذ بالطلاق لو لم يتم توثيقه، وهذا يمثل دعوة لمشرعين وأهل الفقه للتشاور وحسم الخلاف بشأن شرعية انعدام ترتيب أثر الطلاق إلا بالتوثيق، وتقنين الطلاق بحيث لا يقع ولا يترتب عليه أثر إلا بالتوثيق أمام مأذون.

وقال السيد: يوجد خلاف فقهى فى الأمر، والثقافة المصرية السائدة تتجنب الإثم بالأخذ بوقوع الطلاق بنطق الرجل به، دون الأخذ بآراء أخرى، وعادة ما يتم الطلاق بناء على ذلك، لكن الطرح الجديد مفيد وأفضل للأسرة والمجتمع، لأنه يحد من الخلاف ويقلل من حالات الطلاق، خاصة أنه يوجد خلاف فقهى بشأن القصد واليقين عند النطق بالطلاق وانتفاء وقوعه لو كان الأمر تهديدًا أو ما شبه، وطالما يوجد خلاف فقهى فالمصلحة تعلو فوق كل شىء.

وأضاف: التشريع لازم يكون له فلسفة واضحة أمام الناس بالحجج الشرعية والقانونية، وإذا حدث ذلك بالتوافق مع آراء الشرع، فإن الإثم يسقط وتستمر الأسرة وفيها حقوق المرأة والأطفال سارية طالما لم يقع الطلاق، والجاد فى الطلاق فقط يذهب للمأذون ويتم الإجراءات رسميًا، وهو ما سيحد من الطلاق على كل صغيرة وكبيرة ويجعل الرجل يراجع نفسه.

وأشار الفقية الدستورى، إلى أن ذلك الطرح لا علاقة له بالتهرب من إثبات الطلاق الواقع فعلًا إذا امتنع الزوج عن إثباته من منطلق الإضرار بمطلقته وأم أطفاله، فتلك حالة أخرى منفصلة لها طرق التعامل القانونى معها وهى محفوظة ومكفولة للمرأة، ولذلك فإن الطرح مقترن بالإجراءات الرسمية من خلال المأذون أو حكم المحكمة.



المصدر أخبار | التحرير الإخبـاري

ليست هناك تعليقات