Header Ads

تعرف على التجارب الناجحة والفاشلة لصندوق النقد عالميًا

لجأت كثير من الدول إلى صندوق النقد الدولي في محاولة منها لإنقاذ اقتصادها، وغالبًا ما تسير خطوات الدول في طريقين، إما عن طريق وضع خطة لسداد القرض بدون أن تتحول إلى الرأسمالية، وإلغاء الدعم عن المواطن، والطريق الثاني هو إنهاك اقتصاد الدولة بالكامل، وعدم قدرتها على سداد القرض، وبالتالي تضطر إلى الاستسلام لفرض شروط جديدة من جانب الصندوق.

ونجحت مصر من خلال مفاوضتها مع الصندوق في الحصول على قرض بقيمة بلغت نحو 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات، وفي المقابل يتم الالتزام بتنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي محدد بفترة زمنية، حتى يتم سداد القرض، وفي نفس الوقت اتفقت أيضًا كلًا من المغرب والعراق، على الحصول على قروض من الصندوق، كما خلصت دول الخليج إلى تنفيذ توصيات النقد الدولي، للخروج من أزمة هبوط أسعار النفط، فيما تواصل السودان مباحثاتها دون التوصل لاتفاق.

وصندوق النقد الدولى هو وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة، أنشئ بموجب معاهدة دولية عام 1945 للعمل على تعزيز سلامة الاقتصاد العالمي، ومقره العاصمة الأمريكية (واشنطن)، ويديره أعضاؤه الذين يشملون جميع بلدان العالم تقريبًا بعددهم البالغ 188 بلدًا.

وتطورت أهداف الصندوق منذ نشأته، فبعد أن تمثل دوره في تزويد الدول التي تتعرض لعجز في موازين المدفوعات، بمساعدات مالية قصيرة الأمد، تحول في السبعينيات، لمؤسسة تدير الأزمات المالية في الأسواق النامية، وتقدم قروضًا طويلة المدى، بالإضافة إلى الاستشارات والنصح.

وتخضع قروض الصندوق لمجموعة من الاشتراطات تهدف لربط اتمام التحويلات المالية بقيام الدول بتنفيذ سياسات، تضمن للدولة المقترضة استمرار الحصول على التمويل.

وتأتى أموال الصندوق من الدول الأعضاء فيه، وتبعًا لحجم الحصص يتحدد عدد الأصوات المخصصة لكل بلد عضو، فكلما ازداد حجم اقتصاد العضو من حيث الناتج وازدياد اتساع تجارته وتنوعها، ازدادت بالمثل حصته في الصندوق وازدادت فرصه في الحصول على قروض أكثر من الآخرين.

وتسهم الولايات المتحدة الأمريكية، بالنصيب الأكبر في صندوق النقد الدولى، حيث تبلغ حصتها نحو 17.6% من إجمالي الحصص.

ونعرض في هذا التقرير تجارب الدول الناجحة والفاشلة مع صندوق النقد:

أولًا: التجارب الفاشلة

- البرازيل

مع بداية الثمانينيات، اقترضت البرازيل من صندوق النقد الدولى، وقامت بتنفيذ شروطه من أجل الوصول إلى حل لأزمتها الاقتصادية.

وبدأت الحكومة البرازلية في تسريح ملايين العمال، وخفضت أجور الآخرين لعلاج التضخم المالي، كما قامت بإلغاء التغذية المدرسية للطلاب، وسمحت لدول أخرى بالتدخل في سيادتها مقابل المبالغ المدفوعة كقروض، كما فرض البنك الدولي على الدستور البرازيلي مجموعة من المواد تسببت في إشعال الاحتجاجات الأهلية.

وفي منتصف التسعينات، تمكنت البرازيل من سداد القروض بالكامل، غير أنها لم تنج من آثاره الجانبية، حيث ظل نحو 20% فقط من البرازيليين يمتلكون نحو 80% من أصول الممتلكات، ونحو 1% فقط يحصلون على نصف الدخل القومي، مما أدى إلى هبوط ملايين المواطنين تحت خط الفقر، نتيجة أن نصف الشعب أصبح يتقاضى أقل من نحو 80 دولارًا شهريًا، وهو الأمر الذي دفع البرازيل إلى الاقتراض من الصندوق مرة أخرى بواقع 5 مليارات دولار للخروج من الأزمة، واستمرت البلد في حالة سداد.

- اليونان

عقب انضمام اليونان لمنطقة اليورو، بدأت مؤسسات التمويل الدولية في إقراضها لدفع النمو بها، حيث اقترضت بمعدلات فائدة كانت منخفضة نسبيًا، ولكن لم يكن الوضع قابلًا للاستدامة، حيث استمرت نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي في ارتفاع حتى تفاقمت بشكل واضح الأزمة الاقتصادية في اليونان عام 2009.

وفي نفس العام، تدخل صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي، ليقرض اليونان بمبلغ بلغ نحو 110 مليار يورو لإنقاذها من الإفلاس، ولكن بشرط اتخاذ مجموعة من الإجراءات التقشفية تتلخص في تحقيق فائض الإيرادات عن النفقات، مخصوم منها الفوائد المستحقة على الديون.

وفشلت اليونان في سداد مديوناتها، ومع نسبة ديون للناتج وصل إلى نحو 175% خلال عام 2015، كما ارتفعت معدلات بطالة إلى أكثر من نحو 25%، مما أدى إلى اندلاع عدة مظاهرات يوميًا للطبقة المتوسطة والفقيرة للحد من إجراءات الصندوق، ثم تحولت أزمة اليونان من أزمة اقتصادية إلى أزمة سياسية اجتماعية، وباعتراف المسؤولين في صندوق النقد الدولى، وضعت اليونان نهاية لنظرية التقشف كوسيلة لسداد الديون.

وفي يوليو من عام 2015، أعلن صندوق النقد، أن اليونان عجزت عن سداد ديونها للصندوق، ولم تتمكن من دفع نحو 1.5 مليار يورو كانت مستحقة عليها في ذلك الوقت، لتصبح أول دولة متطورة تراكم مبالغ متأخرة ولم تعد قادرة على الاستفادة من الموارد المالية لهذه المؤسسة الدولية.

-غانا

في عام 2002 قامت غانا برفع التعريفة الجمركية على الواردات من السلع الغذائية، وفقًا لشروط صندوق النقد الدولي، ليتم إغراق أسواقها بالمنتجات الأوروبية، مما تسبب ذلك في ضرر بالغ للمزارعين، خاصة وأن أسعار الواردات كانت أقل من ثلث السعر المحلي، ولكن البنك والصندوق لم يستطيعا أن يفرضا على المجموعة الأوروبية تقليل الدعم لمنتجاتها الزراعية التى تصدرها للعالم الخارجي بأسعار منخفضة.

-زامبيا

خلال نفس الفترة من عام 2002، قامت زامبيا أيضًا وفقًا لشروط صندوق النقد الدولي، برفع التعريفة الجمركية على وارداتها من الملابس، وتسبب ذلك القرار في خسائر فادحة لأكثر من نحو 140 شركة محلية للملابس، أدى إلى إفلاسها، ولم يتبق من هذه الشركات المحلية سوى 8 شركات فقط، ولم تستطيع هذه الشركات المنافسة وتصدير منتجاتها إلى سوق المجموعة الأوروبية أو الولايات المتحدة، بسبب التعريفة الجمركية التي تفرضها هذه الدول على وارداتها من الدول النامية.

ثانيًا: التجارب الناجحة

- تركيا

في عام 2002 شهدت تركيا أزمة اقتصادية حادة سبقتها أوضاع مالية سيئة على مدار عدة سنوات كانت أهم مظاهرها انخفاض معدل النمو وزيادة معدلات التضخم وارتفاع عجز الموازنة، بالإضافة إلى تراجع أداء القطاعات الاقتصادية وتراجع الاستثمارات وانخفاض الاحتياطى الأجنبي وارتفاع معدلات البطالة.

ولجأت الحكومة التركية في محاولة منها لعلاج الأزمة الاقتصادية، إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولى، والذي بدوره فرض عليها مجموعة من الشروط الصعبة، تضمنت إجراء إصلاحات اقتصادية عديدة، منها تشجيع ودعم أنشطة الأعمال وتحريرها من القيود القانونية، وخلق مناخ استثمارى أكثر جذبًا وإسراع عملية خصخصة القطاع العام، وكذلك تخفيض سعر صرف الليرة، والتخلي عن نظام سعر الصرف المرن، وإجبار الحكومة على تطبيق نظام سعر صرف مرتبط بالدولار.

وعقب عدة مفاوضات مع صندوق النقد، بدأت تقل الشروط، وفي هذا التوقيت تبنت الحكومة التركية برنامجًا متكاملًا للإصلاح الاقتصادي تناسب مع ظروف تركيا وطبيعتها.

وفي عام 2015، نجحت تركيا في بتسديد كافة ديونها من صندوق النقد الدولي.

- ماليزيا

تعتبر ماليزيا من أكثر التجارب نجاحًا واستفادة من قرض صندوق النقد الدولي، حيث قامت الحكومة الماليزية بتطبيق مجموعة من السياسات الهامة مكنتها من تسديد القرض.

وفرض صندوق النقد مجموعة من الشروط على ماليزيا مثل (تخفيض قيمة العملة, وتحقيق فائض في الموازنة العامة للدولة, والسماح بإفلاس الشركات, ورفع أسعار الفائدة)، ولكن الحكومة رفضت وتمكنت من إعادة هيكلة الديون.

- إندونيسيا

نجحت إندونيسيا أيضًا في الاستفادة من قرض صندوق النقد، وخلال سنوات قليلة انتعش اقتصادها مرة أخرى، وتمكنت من تسديد كافة الديون من المؤسسات الدولية.



المصدر أخبار | التحرير الإخبـاري

ليست هناك تعليقات