ياسمين محفوظ تكتب: علاء عابد رئيس لجنة حقوق «النسيان»
علاء عابد.. تعددت الألقاب و"عابد" واحد، فهو ضابط شرطة سابق، وبرلماني ورئيس الكتلة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار ورئيس لجنة حقوق الإنسان..
وجدير بالذكر أنه ليس نائبا برلمانيا لأول مرة، فقد سبق أن نجح في انتخابات برلمان 2010 تحت مظلة الحزب الوطني، إلا أن اندلاع ثورة يناير كان سببا في عدم استكمال الدورة البرلمانية، نظرا للتزوير الفاضح والفادح للانتخابات وحصول الحزب الوطني الذي كان ينتمي له "عابد" على أكثر من 90% من مقاعد البرلمان، ما أدى إلى غضب شعبي ضد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ونظامه، الأمر الذي انتهي بحل البرلمان والحزب الوطني وتنحي مبارك في الحادي عشر من فبراير عام 2011..
"وبالرجوع إلى "عابد" الذي يشغل رئيس لجنة حقوق الإنسان، سنجد أن خبر فوزه برئاسة هذه اللجنة أثار استياء وغضب عدد كبير من الحقوقيين والمنظمات الحقوقية المهتمين بحقوق الإنسان وضد التعذيب، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل هناك عدد من النواب البرلمانيين استنكروا وامتعضوا أيضا لنفس السبب، حتى إن زميله في الحزب النائب "عاطف مخاليف" الذي كان مرشحا منافسا له على رئاسة لجنة حقوق الإنسان قد استنكر دفع الحزب بـ"عابد" للترشح لهذا المنصب، وفي تصريح صحفي هاجم الحزب قائلا: "وهما ليه مافكروش فيا أنا موجود وليا دور كبير فى اللجنة ومش حاجة قليلة، وأنا عضو فى الحزب مثل علاء عابد"، وأبدى استياءه من عدم تفكير الحزب بالدفع باسمه لرئاسة اللجنة حينها.. إلا أنه في النهاية تراجع عن ترشحه ورضخ لأوامر الحزب، كما هاجم النائب مصطفى كمال الدين حسين، عضو لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، وأعلن غضبه بسبب زيادة أعضاء اللجنة فى دور الانعقاد الثانى إلى 64 نائبًا بزيادة 30 نائبًا على دور الانعقاد الأول، وقال "جايبين أعضاء علشان يدوا صوتهم لعلاء عابد المرشح على منصب رئاسة اللجنة علشان ينجحوه وبعدين يمشوا من اللجنة".
وأعلن كل من الدكتور سمير غطاس ومارجريت عازر عضوى مجلس النواب، استقالتهما من عضوية لجنة حقوق الإنسان اعتراضا على نجاح "عابد"، واعتبروا نجاحه "تأميماً للجنة"، وتردد أن النائب أكمل قرطام والذي كان مرشحا لرئاسة اللجنة منافسا لـ"عابد" استقال من عضوية البرلمان على خلفية فوز الأخير..
ولم ينته الأمر على ذلك بل وصل إلى العالمية، حيث نشر كاتب أمريكي يدعى "إيفان هيل" مقالا في جريدة "نيو يورك تايمز" أكثر الصحف الأمريكية انتشارا بتاريخ 21 ديسمبر الماضي، أبدى فيه استياءه من فوز "عابد" برئاسة لجنة حقوق الإنسان، فالكاتب كاد أن يفقد عقله لدرجة أنه يرى فوز عابد إساءة كبيرة لنظام الرئيس السيسي ووصف الديمقراطية في مصر بأنها "شكلية".. ولم يكتف بذلك بل سرد "هيل" تاريخ عابد كما لو كان مصريا يعيش بيننا، ولكن يتضح أنه مهتم جيدا بالشأن المصري ومنذ زمن.. يقول "هيل" في مقاله: "إن عابد وصوله للمنصب الجديد رغم تاريخه الشخصي، يسير بالتوازي مع ثقافة انتهاكات الشرطة، والفساد السياسي الذي تصاعد بشدة في الحياة العامة المصرية في الفترة التي سبقت ثورة 2011، وعاد للظهور خلال عهد الرئيس السيسي.
في 2005، معتقل اسمه فخري عازر زعم أن ضابط شرطة برتبة نقيب، وعابد قاما بتعذيبه بشدة ووضع حذاء في فمه، حسب تقرير للمنظمة المصرية لحقوق
الإنسان".
وأضاف "هيل" أن عابد لم يتهم بأي جريمة، ونفى تورطه في التعذيب، بل وصف هذه الاتهامات بـ"التمييز" و"الحرب الباردة" من أولئك الذين لا يريدون لضابط شرطة السابق قيادة لجنة حقوق الإنسان..
مثل العديد من ضباط الشرطة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، دخل عابد الحياة السياسة بعد تقاعده من الخدمة، وانضم للحزب الوطني الديمقراطي تحت حكم الرئيس مبارك، وفي ديسمبر 2010، فاز بمقعد في البرلمان عن حي للطبقة العاملة جنوبي القاهرة.
العنف والتزوير الفاضح اللذان اتسمت بهما تلك الانتخابات، وحصد فيها حزب الرئيس مبارك 83 % من مقاعد البرلمان ساعدا على إشعال ثورة يناير، وبعد سقوط مبارك، مجلس الجنرالات التي حلت محله، حل البرلمان.
وأشار "هيل" إلى أن عابد أعرب في مقابلة صحفية مؤخرا، عن سعادته بحل برلمان 2010، وقبل ثورة 2011 اعترف بأنه كان هناك "درجة من القمع" و"تجاوزات من أمن الدولة"، قائلا: "هذا خطأ من المسؤولين عديمي الخبرة الذين حولوا مصر إلى دولة بوليسية"..
اضغط هنا لينك المقال
والمثير للدهشة أن "عابد" تقدم بسؤال في غاية الأهمية إلى الدكتور علي عبد العال رئيس البرلمان حول مرتبات السفراء بالخارج وأسلوب حساب ومعادلة سعر صرف الراتب بالجنيه المصرى مقارنة بالدولار بالنسبة للرواتب فى الخارج، وكيف يحسب الجنيه بسعر 6.76 دولار فى حين أن الجنيه سعره لا يتعدى 7 سنتات أمريكية. وأضاف في سؤاله "إنه بالنظر للبعثات المصرية على سبيل المثال فى جنيف وطوكيو وبرن، يتردد بأنه تصل مرتبات السفراء فيها ما بين 38 - 48 ألف دولار شهريًا؟!!
ويبقى السؤال لماذا تذكر "عابد" فجأة مرتبات السفراء وهاجمهم في محاولة منه إثارة غضب الشعب على "الخارجية المصرية" ولماذا أيضا كف عن السؤال؟! ربما تكون الإجابة كانت فى أثناء زيارته لسويسرا وقيامه بالاتصال بالسفير المصري في جينيف، الذي تجاهل اتصاله ولم يعره أي اهتمام. الأمر الذي أثار كبرياء وحفيظة "عابد" فأراد أن يثأر لكرامته فقام بمهاجمة الخارجية إلا أنه تم احتواء الأمر بعد أن تحققت أمنيته والتقي وزير الخارجية سامح شكرى!!
وفي النهاية هذا هو رئيس لجنة حقوق الإنسان الذي يريد أن ينال ثقة الناس، لكن كيف ينالها بعد أن تواطأ مع رئيس حزب المصريين الأحرار وغدر بمؤسس الحزب الذي ساعده في الانضمام للحزب بل وساهم في إنجاحه، وأجبر منافسه على رئاسة لجنة حقوق الإنسان على التنازل من أجله.. وها هو الآن يظهر على الفضائيات مهاجما "نجيب ساويرس" ومشككا في وطنيته ونزاهته بدلا من أن يتوسط ويساعد في إعادة حزب المصريين الأحرار إلى مساره الصحيح أو "أضعف الإيمان" يختار أن يصمت ولكن لا يعلم أن الوطنية أساسها الوفاء والإخلاص واحترام الذات.. وبهذا يستحق هذا "العابد" أن يكون رئيسا للجنة حقوق "النسيان".
المصدر أخبار | التحرير الإخبـاري
ليست هناك تعليقات