Header Ads

إذا كنا فقراء .. فلماذا أنفقت الحكومة مليارات الدولارات دون عائد؟

كتب: أحمد البرماوي و أمل نبيل

بالرغم من أن كثير من المؤشرات تضع مصر ضمن الدول ذات الاقتصاديات الكبرى في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، لكن التعداد السكني سبب كبير في انخفاض متوسط دخل الفرد، وأن البنك الدولي يعتبر مصر ضمن الفئة الأدنى من الدول متوسطة الدخل مع الهند وإندونيسيا وتونس والمغرب وأوكرانيا.. أي أن مصر ليست من ضمن الدول الفقيرة عالميًا، إلا أن الرئيس السيسي أكد أكثر من مره في حديثه خلال مؤتمر الشباب بأسوان بأننا فقراء.

ومن منطلق رؤية الرئيس بأننا فقراء - ما يخالف جزء كبير من الواقع، وهو ما أثبتته الحكومات المتعاقبة خلال السنوات الثلاثة الماضية بإنفاق مليارات الدولارات على العديد من المشروعات الكبرى التي لم تدر أي عوائد حتى الآن.

- 8 مليارات دولار على قناة السويس والعائد تراجع في الايرادات

في يوليو 2015 أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي تدشين قناة السويس الجديدة وسط احتفال عالمي، وهي القناة التي جمعت الدولة من أجلها 64 مليار جنيه خلال 10 أيام من المصريين بشهادات تبلغ فوائدها 12 %، واعتبر "مميش" أن القناة الجديدة ستخفف من زحمة انتظار السفن عند عبورها القناة إلى 3 ساعات، بدلًا من 11 ساعة، ما يعمل على زيادة عدد السفن العابرة للقناة، مرجحًا عبور97 سفينة يوميا عام 2023، بدلًا من 49 سفينة تعبر القناة حاليا.

وبلغت تكلفة أعمال بناء قناة السويس الجديدة التي انطلقت في 5 أغسطس 2014 نحو 8 مليارات دولار، وتأمل مصر في أن يساهم الفرع الجديد لقناة السويس في زيادة إيراداتها السنوية بمعدل 5.3 مليارات دولار إلى 13.2 مليار سنويا بحلول عام 2023.

ويبلغ طول قناة السويس الجديدة 35 كيلومترا، وهي عبارة عن فرع للقناة الأصلية التي يعود تاريخ بنائها إلى 145 عاما، ويمر الفرع الجديد بالموازاة مع قناة السويس التي يبلغ طولها 190 كيلومترا، وتشكل محورا هاما للتجارة العالمية، حيث عبرتها نحو 17100 سفينة خلال عام 2014، وفق الأرقام الرسمية للهيئة المديرة للقناة.

وتسبب تسديد مستحقات الشركات الأجنبية المشاركة في التكريك بظهور مشكلة نقص الدولار وبداية تحريك سعر صرفه الرسمى حسبما ذكر محافظ البنك المركزى، وقالت شبكة بلومبرج الاقتصادية وقتها في تقرير: "مصر تهدر 8 مليارات دولار على توسعة قناة لا يحتاجها العالم".

وبحسب محللون اقتصاديون، فكان من الطبيعي في ضوء تلك العوامل، والتى تشمل تراجع الإيرادات واستمرار انخفاض أسعار البترول، ونقص الدولار وجفاف المعونات الخليجية، أن يتم التمهل في التنفيذ للمشروع.. لكنه على العكس تم تجنيد كافة الجهود والموارد لإنهاء المشروع فى موعده، حتى أن شركات المقاولات المشاركة فى المشروع القومى للطرق، عللت تأخرها فى تنفيذ الطرق بحشد كافة معداتها فى مشروع القناة.

وحققت قناة السويس عائدات في عام 2014 بنحو 5.47 مليار دولار، وانخفضت في 2015 ولتبلغ نحو 5.18 مليار دولار، وجاء عام 2016 لتنخفض بشكل كبير جدًّا وملحوظ حتى وصل إلى 4.1 مليار دولار، وقد دفع تراجع الإيرادات هيئة القناة إلى إعلان تخفيض الرسوم، ثلاث مرات أملًا في جذب المزيد من المرور الملاحي.

وقالت منظمة الشفافية الدولية منذ أيام: إن "الفساد في مصر ارتفع في عام 2016، لتحتل المرتبة 108 عالميا من أصل 176 دولة"، كما أظهر تقرير لمؤسسة "نيو ورلد ويلث" أن مصر بها 20 ألف مليونير لتكون ثاني أكثر دولة في إفريقيا من حيث عدد المليونيرات، ما يعني وجود سوء توزيع للدخل والثروة.


- إنفاق 18.8 مليار جنيه على العاصمة الإدارية

فى شهر مارس 2016 أثناء انعقاد المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ ، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى عن إنشاء عاصمة إدارية جديدة على طريق السويس – العين السخنة، على مساحة 25 ألف فدان في غضون خمس إلى سبع سنوات بتكلفة تصل إلى 300 مليار دولار .

وقررت الحكومة المصرية تنفيذ المشروع بتمويل ذاتى بعدما تراجعت إعمار الإماراتية عن تنفيذ المشروع، فى الوقت الذى تعانى فيه مصر من أزمات اقتصادية وشح فى السيولة بسبب نقص مواردها من العملة الأجنبية بعد تراجع السياحة وانخفاض إيرادات قناة السويس وتحويلات العاملين المصريين فى الخارج.

ووفقا للتصريحات الحكومية، فإن العاصمة الجديدة ستوفر ملايين من فرص العمل للشباب وستؤدي إلى بناء مجمعات سكنية جديدة بالإضافة لتوفير الوقت على المواطنين في إنهاء مصالحم وخدماتهم.

وتقام المرحلة الأولى من مشروع العاصمة الإدارية الجديدة على مساحة 10 آلاف فدان وتم تأسيس شركة مساهمة لإدارة مشروع العاصمة الإدارية الجديدة برأسمال يقدر بـ 6 مليارات جنيه، فيما تبلغ تكلفة ترفيق أراضى الحى السكنى والحكومى 10 مليارات جنيه وتنفذ شركة المقاولون العرب حجم أعمال يقدر بحوالى 2.8 مليار جنيه بالعاصمة الإدارية الجديدة.
 

- اقتصاديون: مصر لديها موارد متنوعة وينقصها حسن الإدارة

يرى الدكتور حسن شحاتة أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أن إنشاء مشروع العاصمة الإدارية الجديدة فى الوقت الحالى لن يكون له أى جدوى اقتصادية خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وما نعانيه من ظروف معيشية صعبة، مضيفاً أنه من الأولى في الوقت الحالي أن يتم توجيه ما يتم إهداره على إنشاء مبانى إدارية جديدة ليس لها أى حاجة ملحة فى الوقت الحالى إلى أولويات ضروية توفر احتياجات المواطنين الأساسية وتضمن لهم الحد الأدنى من العيشة الكريمة.

وتابع: "سيكون من الأجدى أن يتم إنفاق تلك المليارات المهدرة على التعليم والصحة وعلى إنشاء مشروعات ذات عوائد اقتصادية فورية ومباشرة".

وأكد الدكتور رشاد عبده رئيس المنتدى المصري للدرسات الاقتصادية أن مصر دولة غنية جدًا، وتمتلك موارد اقتصادية عديدة، مشيرًا إلى أن أبسط تعريف للاقتصاد هو الاستثمار الأمثل لموارد المجتمع المتاحة، وهو مافشلت الحكومة الحالية فى تحقيقه.

وتابع: أن هناك العديد من المشروعات القومية التى تم الإعلان عنها مؤخراً - لم تكن ذات أولوية فى الوقت الحالى فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، موضحًا أن المشروعات التى تتعلق بتوفير الطاقة وإنشاء وتمهيد الطرق يجب أن تكون على رأس أولويات الحكومة لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية .

وأشار لـ"التحرير" إلى أن الحديث عن أن الأزمة السكانية هي السبب الرئيسي فى الأزمات الاقتصادية، ويؤكد عدم إدراكنا لأهمية الثروة البشرية، موضحًا أن تعداد الصين يفوق تعداد مصر بكثير وعلى الرغم من ذلك نجحت فى تحقيق نهضة اقتصادية كاملة .

من جانبه قال دكتور أشرف دوابة أستاذ التمويل بكلية التجارة جامعة الإسكندرية: إن "بعض المشروعات الاقتصادية التى أطلقتها الحكومة الحالية لم تكن لها أى جدوى اقتصادية كمشروع تفريعة قناة السويس الجديدة، كما أن بعض المشروعات أثبتت سطحيتها كعربية الخضار، أو ثبت تحولها إلى سراب كمشروع المليون وحدة سكنية ومشروع استصلاح أربعة ملايين فدان ومشروع الصوامع بدمياط ومشروع شبكة الطرق، ومشروع العاصمة الجديدة".

وأضاف "دوابة" أنه بدلاً من إهدار مليارات الجنيهات على تلك المشروعات، كان من الأولى سداد مستحقات الأجانب في البورصة وشركات البترول، لا أن يحمّل الأجيال الحالية والقادمة ما لا قبل لها به، في ظل سياسة ترقيع الديون التي تنتهجها الحكومة الحالية، حتى بات عجز الموازنة مع نهاية العام المالي يتجاوز ٢٧٠ مليار جنيه.

 



المصدر أخبار | التحرير الإخبـاري

ليست هناك تعليقات