هل تتراجع الحكومة عن تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولى؟
كشفت وثائق صندوق النقد الدولى المتعلقة بإقراض مصر نحو 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات، عن برنامج الحكومة والمخطط تنفيذه حتى عام 2021، كما كشفت عن تفاصيل الجدول الزمني المحدد لتنفيذ إجراءات الإصلاح والتي في مقابلها يتم الحصول على القرض كاملًا.
وأوضحت "الوثائق" وجود بعض الإجراءات الصعبة والتي يجب على الحكومة تنفيذها خلال الفترة المقبلة، ومنها إلغاء الدعم نهائيًا على الوقود والكهرباء بشكل تدريجي بدءًا من منتصف يوليو المقبل وحتى عام 2021.
وتشير بيانات برنامج الإصلاح إلى خفض دعم الوقود إلى 36 مليار جنيه خلال العام المالي المقبل والذي يبدأ مطلع يوليو 2017، في مقابل نحو 62 مليار جنيه خلال العام المالي الجاري، وهذا يعني حدوث زيادة جديدة في أسعار البنزين والسولار خلال يوليو المقبل، ثم يتم خفضه إلى نحو 29.2 مليار جنيه فى 2018- 2019، ليصل إلى نحو 25 مليار جنيه في نهاية مدة برنامج الإصلاح الاقتصادى في العام المالي 2020- 2021.
كما أوضحت البيانات تقليص دعم الكهرباء بشكل سنوي حتى يصل إلى الصفر خلال العام المالي 2010-2021، وذلك بمعنى بيع أسعار الكهرباء وفقًا لسعر التكلفة.
كل هذه الإجراءات والشروط تطرح تساؤلات عديدة، وهي: هل يتحمل المواطن المصري رفع الدعم عن كافة السلع والخدمات خلال الفترة المقبلة، في ظل تدني الرواتب ومصادر الدخل؟، وهل الحكومة قادرة بالفعل على تنفيذ هذا البرنامج والذي يسمى بالوطني، أم ستتراجع عن تنفيذه خوفًا من الشعب بسبب إجراءاته الشديدة على المواطن.
يقول الدكتور فخرى الفقي الخبير الاقتصادي والمساعد السابق للمدير التنفيذى لصندوق النقد: إن "تراجع الحكومة عن تنفيذ برنامج الإصلاح أو إجراءات الحصول على قرض الصندوق، أمر غير وارد"، مشيرًا إلى أنه في حالة تراجع الحكومة سوف يعلن الصندوق عدم قدرة مصر على تنفيذ البرنامج الإصلاحي، وبالتالي ستتراجع التصنيفات الائتمانية للاقتصاد المصري بشكل كبير.
وأضاف "الفقى" في تصريحات خاصة لـ"التحرير"، أن المضي في خطوات برنامج الإصلاح مرتبط بجدول زمني مُحدد من قبل الصندوق، كما أن التراجع عن هذا الجدول ولو يومًا واحدًا فقط سيمتنع الصندوق عن استكمال الاتفاق وإقراض مصر باقي المبلغ والمقدر إجماليًا بنحو 12 مليار دولار.
وكان الدكتور أشرف العربي وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، قد أعلن في تصريحات صحفية له أمس، أن الحكومة ستبحث مع بعثة صندوق النقد الدولي، والتي من المقرر أن تزور مصر نهاية شهر فبراير المقبل، تعديل المستهدفات الاقتصادية لبرنامج الإصلاح، وكذلك المدة الزمنية لتنفيذها، مثل رفع الدعم عن الطاقة، في ضوء الأعباء الجديدة، التي فرضها قرار تعويم الجنيه.
وأكد "العربي" أن المجموعة الاقتصادية تتشاور أيضًا مع بعثة الصندوق بشأن إمكانية إدراج إصلاحات إضافية، لم يتفق عليها، وفق برنامج القرض.
من جانبه قال الدكتور أحمد الغندور الخبير الاقتصادى: إن "رفع الدعم عن البنزين والكهرباء أحد أهم إجراءات الإصلاح الاقتصادي، خاصة وإن الدعم الحكومي تسبب في العديد من الأزمات الاقتصادية خلال السنوات الماضية نتيجة زيادة الأسعار العالمية، والدولة كانت تتحمل فارق السعر ولا تحمله للمواطن، مما زاد من عجز الموازنة سنويًا، وبالتالي فرفع الدعم أمر لازم للحصول على قرض الصندوق.
وأضاف "الغندور" لـ"التحرير"، أن صندوق النقد الدولي يلتزم مع أي دولة يقوم بإقراضها - بوضع مجموعة من المعايير الخاصة بتقييم الأداء كل ثلاثة أشهر، وذلك لضمان مضي البرنامج في مساره الصحيح، مطالبًا الحكومة بإعادة المشاورات مرة أخرى مع الصندوق حول إجراءات تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي.
ويشمل برنامج الإصلاح الاقتصادي، تقليل عجز الموازنة عن طريق زيادة الإيرادات الضريبية، واتباع سياسات ضريبية لتحصيل أكبر قدر ممكن من المدخرات الضريبية التي تبلغ 50 مليار جنيه، إلى جانب زيادة الإيرادات غير الضريبية من عائدات شركات قطاع الأعمال العام والهيئات الاقتصادية، والتى لا بد من إجراء الإصلاحات وإعادة الهيكلة وطرح جزء من حصصها في البورصة لزيادة رأس مالها، ومن ثم زيادة العائدات منها التي ستصب في صالح الموازنة، فضلًا عن زيادة الأجور من خلال تطبيق قانون الخدمة المدنية الجديد، بالإضافة إلى ترشيد الدعم وخفضه تدريجيًا.
وتتفاوض مصر على مساعدات بمليارات الدولارات من عدة مقرضين لإنعاش الاقتصاد خلال الفترة المقبلة، حيث أنها تترقب تمويلات ثنائية أخرى موازية لقرض صندوق النقد الدولي من الصين والإمارات ومجموعة السبع بنحو 6 مليارات دولار لسد الفجوة التمويلية، فضلًا عن إصدار سندات دولية وتدبير تمويل مصرفي من البنوك التجارية.
وحصلت مصر خلال السنوات الست الماضية على منح ومساعدات بقيمة 32 مليار دولار، منها نحو 12.5 مليار دولار في عام 2013، موزعة بواقع 2 مليار دولار من السعودية، و3 مليارات دولار من الإمارات، و2 مليار دولار من الكويت، و3 مليارات دولار من قطر، ومليارين من ليبيا، و500 مليون دولار من تركيا، وكان آخرها في أغسطس الماضي بوديعة إماراتية بمليار دولار.
وتشير تقديرات الفجوة التمويلية لمصر خلال الثلاث سنوات القادمة، إلى نحو 30 مليار دولار بمعدل 10 مليارات دولار سنويًا، وهي متغيرة على حسب تطور التدفقات النقدية، أو الاحتياجات التمويلية للحكومة، وسوف يتم سد تلك الفجوة التمويلية عن طريق 9 مليارات دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بمعدل لا يقل عن 3 مليارات دولار سنويا لمدة 3 سنوات، بالإضافة إلى التمويلات الخاصة بالبرنامج الاقتصادي للحكومة والذي يبلغ نحو 21 مليار دولار خلال 3 سنوات.
المصدر أخبار | التحرير الإخبـاري
ليست هناك تعليقات